242

Majmuc Rasail

مجموع رسائل الحافظ العلائي

Investigator

وائل محمد بكر زهران

Publisher

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Publisher Location

القاهرة - جمهورية مصر العربية

Genres

فقال: "يَا فَتًى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ" (١). فهذه القصة كانت قبل النبوة ولم يكن أسلم عبد اللَّه بن أبي الحمساء يومئذ قطعًا، ثم إنه لم يذكر له بعد ذلك صحبة مع النبي ﷺ ولا يعرف له إلا هذا الحديث الواحد، ولكن الظاهر أن له صحبة وإسلامًا مع النبي ﷺ، فقد ذكره جماعة ممن سكن البصرة من الصحابة، وعده بعضهم في المكيين. فلو فرض في مثل هذا أنه أسلم في زمن النبي ﷺ ولم يلقه بعد إسلامه، هل يكتفى بذلك اللقاء الأول مع إسلامه في زمنه ويعد صحابيًا بذلك؟ هذا مما فيه نظر واحتمال منقدح بخلاف من لم يسلم إلا بعد وفاته ﷺ. ومن هذا النوع أيضًا سعيد بن حيوة الباهلي، رأى النبي ﷺ في الجاهلية وهو صغير في حياة جده عبد المطلب وهو يتطلبه لما أبطأ عنه في قصة رويتاها من طريق داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن، عن كندير بن سعيد، عن أبيه. قال ابن عبد البر: لا يعرف سعيد إلا بهذا الحديث (٢). قلت: ولم يذكر أحد له لقاء بالنبي ﷺ بعد المبعث، واللَّه أعلم. الثاني: أن الصحابي إذا لقي النبي ﷺ صحبه ثم ارتد بعد وفاته ثم رجع إلى الإسلام هل تحبط ردته ما ثبت له من شريف الصحبة حتى أنه لا يعد فيهم أو لا لأنه رجع إلى الإسلام بعد ذلك؟ وهذا مما فيه نظر، ولا يبعد على أصل الحنفية القائلين بأن هذا إسلام جديد يجب عليه فيه الحج وإن كان قد حج أولًا فقد حبط ذلك الحج أن يقال بأن صحبته للنبي ﷺ بطل حكمها وبقي كمن لم يسلم إلا بعد وفاته. وأما على أصول أصحابنا فلا يجيء ذلك؛ لأن الحبوط مشروط بالوفاة على الردة فلما رجع هذا إلى الإسلام بقي حكم الصحبة في حقه مستمرًّا؛ ولهذا ذكروا الأشعث ابن قيس من جملة الصحابة وعدوا أحاديثه من المسندات، وكان ممن ارتد بعد

(١) "سنن أبي داود" (٤٩٩٦). (٢) "الاستيعاب" (ص ١٨٥).

1 / 259