Majmūʿ al-fatāwā
مجموع الفتاوى
Publisher
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Publisher Location
السعودية
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ ﴿قَوْلُ الْقَائِلِ: إنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْك فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ مَا شِئْت قَالَ: الرُّبُعَ قَالَ: مَا شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ: النِّصْفَ. قَالَ مَا شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ: الثُّلُثَيْنِ. قَالَ مَا شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ: أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا. قَالَ: إذًا تُكْفَى هَمَّك وَيُغْفَرُ لَك ذَنْبُك﴾ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالتِّرْمِذِي وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي (جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْبَغْدَادِيَّةِ. فَإِنَّ هَذَا كَانَ لَهُ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فَإِذَا جَعَلَ مَكَانَ دُعَائِهِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَهُوَ لَوْ دَعَا لِآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ لَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ " آمِينَ وَلَك بِمِثْلِهِ " فَدُعَاؤُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ: اُدْعُ لِي - أَوْ لَنَا - وَقَصَدَ أَنْ يَنْتَفِعَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِالدُّعَاءِ وَيَنْتَفِعَ هُوَ أَيْضًا بِأَمْرِهِ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا يَأْمُرُهُ بِسَائِرِ فِعْلِ الْخَيْرِ فَهُوَ مُقْتَدٍ بِالنَّبِيِّ ﷺ مُؤْتَمٌّ بِهِ لَيْسَ هَذَا مِنْ السُّؤَالِ الْمَرْجُوحِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ إلَّا طَلَبَ حَاجَتِهِ لَمْ يَقْصِدْ نَفْعَ ذَلِكَ وَالْإِحْسَانَ إلَيْهِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالرَّسُولِ الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ فِي ذَلِكَ بَلْ هَذَا هُوَ مِنْ السُّؤَالِ الْمَرْجُوحِ الَّذِي تَرْكُهُ إلَى الرَّغْبَةِ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَفْضَلُ مِنْ الرَّغْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ وَسُؤَالِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ سُؤَالِ الْأَحْيَاءِ السُّؤَالَ الْجَائِزَ الْمَشْرُوعَ.
1 / 193