189

Majmūʿ al-fatāwā

مجموع الفتاوى

Publisher

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Publisher Location

السعودية

يَتَزَكَّى﴾ ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴾ ﴿إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ﷺ ﴿إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا﴾ فَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَعْظَمُ مِنْهُ مِنْ الصِّدِّيقِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ هَذَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى لَا يَطْلُبُ جَزَاءً مِنْ مَخْلُوقٍ فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾ ﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴾ ﴿إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَ الصِّدِّيقِ نِعْمَةٌ تُجْزَى؛ فَإِنَّهُ كَانَ مُسْتَغْنِيًا بِكَسْبِهِ وَمَالِهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ لَهُ عَلَى الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ وَتِلْكَ النِّعْمَةُ لَا تُجْزَى فَإِنَّ أَجْرَ الرَّسُولِ فِيهَا عَلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ . وَأَمَّا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَغَيْرُهُمَا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ نِعْمَةٌ تُجْزَى فَإِنَّ زَيْدًا كَانَ مَوْلَاهُ فَأَعْتَقَهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ وَعَلِيٌّ كَانَ فِي عِيَالِ النَّبِيِّ ﷺ لِجَدْبِ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ فَأَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ وَالْعَبَّاسُ التَّخْفِيفَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ مِنْ عِيَالِهِ فَأَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا إلَى عِيَالِهِ وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَرًا إلَى عِيَالِهِ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ أَمَنَّ النَّاسِ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ لِأَفْضَلِ

1 / 187