174

Majmūʿ al-fatāwā

مجموع الفتاوى

Publisher

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Publisher Location

السعودية

وَعَلَيْهِ صُورَةٌ عَظِيمَةٌ وَيَرَى أَشْخَاصًا تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ فَيَظُنُّهَا الْمَلَائِكَةَ وَيَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ هِيَ اللَّهُ - تَعَالَى وَتَقَدَّسَ - وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا. وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ الشَّيْطَانُ كَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فِي حِكَايَتِهِ الْمَشْهُورَةِ حَيْثُ قَالَ: كُنْت مَرَّةً فِي الْعِبَادَةِ فَرَأَيْت عَرْشًا عَظِيمًا وَعَلَيْهِ نُورٌ فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الْقَادِرِ أَنَا رَبُّك وَقَدْ حَلَلْت لَك مَا حَرَّمْت عَلَى غَيْرِك. قَالَ: فَقَلَتْ لَهُ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ اخْسَأْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. قَالَ: فَتَمَزَّقَ ذَلِكَ النُّورُ وَصَارَ ظُلْمَةً وَقَالَ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ نَجَوْت مِنِّي بِفِقْهِك فِي دِينِك وَعِلْمِك وَبِمُنَازَلَاتِك فِي أَحْوَالِك. لَقَدْ فَتَنْت بِهَذِهِ الْقِصَّةِ سَبْعِينَ رَجُلًا. فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ عَلِمْت أَنَّهُ الشَّيْطَانُ؟ قَالَ بِقَوْلِهِ لِي " حَلَلْت لَك مَا حَرَّمْت عَلَى غَيْرِك " وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ لَا تُنْسَخُ وَلَا تُبَدَّلُ وَلِأَنَّهُ قَالَ أَنَا رَبُّك وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُولَ أَنَا اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا أَنَا. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَرْئِيَّ هُوَ اللَّهُ وَصَارَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْيَقَظَةِ وَمُسْتَنَدُهُمْ مَا شَاهَدُوهُ. وَهُمْ صَادِقُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الشَّيْطَانُ. وَهَذَا قَدْ وَقَعَ كَثِيرًا لِطَوَائِفَ مِنْ جُهَّالِ الْعِبَادِ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى بِعَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ رَأَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ رَأَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ صَالِحٌ أَوْ الْخَضِرُ وَكَانَ شَيْطَانًا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ﴿مَنْ رَآنِي فِي

1 / 172