108

Majmūʿ al-fatāwā

مجموع الفتاوى

Publisher

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Publisher Location

السعودية

بِهِ هُوَ اسْتِسْقَاؤُهُمْ بِهِ بِحَيْثُ يَدْعُو وَيَدْعُونَ مَعَهُ فَيَكُونُ هُوَ وَسِيلَتَهُمْ إلَى اللَّهِ وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ الصَّحَابَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا فِي مَغِيبِهِ وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ فِي مِثْلِ هَذَا شَافِعًا لَهُمْ دَاعِيًا لَهُمْ وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَى: اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ. فَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ شَفَعَ لَهُ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُشَفِّعَهُ فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ التَّوَسُّلَ يَكُونُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي مَغِيبِهِ وَحَضْرَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّ مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَدْ كَفَرَ وَلَا وَجْهَ لِتَكْفِيرِهِ فَإِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ خَفِيَّةٌ لَيْسَتْ أَدِلَّتُهَا جَلِيَّةً ظَاهِرَةً وَالْكُفْرُ إنَّمَا يَكُونُ بِإِنْكَارِ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً أَوْ بِإِنْكَارِ الْأَحْكَامِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِيمَا يُشْرَعُ مِنْ الدُّعَاءِ وَمَا لَا يُشْرَعُ كَاخْتِلَافِهِمْ هَلْ تُشْرَعُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ عِنْدَ الذَّبْحِ؛ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَسَائِلِ السَّبِّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ نَفَى التَّوَسُّلَ الَّذِي سَمَّاهُ اسْتِغَاثَةً بِغَيْرِهِ كَفَرَ وَتَكْفِيرُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ وَأَمْثَالِهِ فَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى جَوَابٍ؛ بَلْ الْمُكَفِّرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ يَسْتَحِقُّ مِنْ غَلِيظِ الْعُقُوبَةِ وَالتَّعْزِيرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَمْثَالُهُ مِنْ الْمُفْتَرِينَ عَلَى الدِّينِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ ﴿مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ: كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا﴾ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ فِيهِ إلَّا بِهِ فَقَدْ قَالَ الْحَقَّ بَلْ لَوْ قَالَ كَمَا قَالَ أَبُو يَزِيدَ: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْغَرِيقِ بِالْغَرِيقِ وَكَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْمَسْجُونِ بِالْمَسْجُونِ لَكَانَ قَدْ أَحْسَنَ. فَإِنَّ مُطْلَقَ هَذَا الْكَلَامِ يُفْهِمُ الِاسْتِغَاثَةَ

1 / 106