Majmūʿ al-fatāwā
مجموع الفتاوى
Publisher
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Publisher Location
السعودية
إنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَوْ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يُسْتَغَاثُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ يُشِيرُ بِهِ إلَى التَّوْحِيدِ وَإِفْرَادِ الْبَارِي بِالْقُدْرَةِ: لَمْ يَكُنْ لَنَا نَحْنُ أَنْ نَنْفِيَ ذَلِكَ وَنُجَوِّزَ أَنْ نُطْلِقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَالصَّالِحَ يُسْتَغَاثُ بِهِ يَعْنِي فِي كُلِّ مَا يُسْتَغَاثُ فِيهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ عَلَى سَبِيلِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَوَاسِطَةٌ وَأَنَّ الْقَائِلَ لَا يُسْتَغَاثُ بِهِ مُنْتَقِصًا لَهُ وَأَنَّهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ؛ لَكِنَّهُ يُعْذَرُ إذَا كَانَ جَاهِلًا. فَإِذَا عَرَفَ مَعْنَى الِاسْتِغَاثَةِ ثُمَّ أَصَرَّ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ صَارَ كَافِرًا. وَالتَّوَسُّلُ بِهِ اسْتِغَاثَةٌ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهَلْ يُعْرَفُ أَنَّهُ قَالَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَغَاثَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَالصَّالِحِ فِي كُلِّ مَا يُسْتَغَاثُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى؟ وَهَلْ يَجُوزُ إطْلَاقُ ذَلِكَ؟ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ وَهَلْ التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ ﷺ أَوْ الصَّالِحِ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ اسْتِغَاثَةٌ بِذَلِكَ الْمُتَوَسَّلِ بِهِ؟ كَمَا نَقَلَهُ هَذَا الْقَائِلُ عَنْ جَمِيعِ اللُّغَاتِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ ﷺ أَوْ الصَّالِحِ اسْتِغَاثَةً بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَهَلْ يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ التَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ بِكُلِّ نَبِيٍّ وَصَالِحٍ؟ فَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِالنَّبِيِّ ﷺ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِيهِ فَهَلْ قَالَ أَحَدٌ خِلَافَ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ؟ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فَمَنْ قَالَ: لَا يُتَوَسَّلُ بِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. كَمَا أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ؟ هَلْ يَكْفُرُ كَمَا كَفَّرَهُ هَذَا الْقَائِلُ؟ وَيَكُونُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ كُفْرًا بَلْ نَفْسُ التَّوَسُّلِ بِهِ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يُتَوَسَّلُ بِهِ؛
1 / 102