Majmuc Fatawa
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله
Genres
وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامهم، ويرى مكانهم، ويعلم سرهم ونجواهم، كما قال تعالى: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور} (1) وقوله تعالى: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} (2) وقال: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} (3) فلا إله غيره ولا رب سواه. وقد بدأ سبحانه آيات المعية العامة بالعلم، وختمها بالعلم، ليعلم عباده أن المراد بذلك: علمه سبحانه بأحوالهم، وسائر شئونهم، لا أنه سبحانه مختلط بهم في بيوتهم، وحماماتهم وغير ذلك من أماكنهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، والقول بأن معنى المعية هو اختلاطه بالخلق بذاته، هو ما يقول به أهل الحلول، الذين يزعمون أن معبودهم في كل مكان بذاته، وينزهونه عن استوائه على عرشه، وعلوه على خلقه، ولم يصونوه عن أقبح الأماكن وأقذرها، قبحهم الله وأخزاهم، وقد تصدى للرد عليهم أئمة السلف الصالح، كأحمد بن حنبل، وعبد الله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وأبي حنيفة النعمان، وغيرهم ومن بعدهم من أئمة الهدى، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم والحافظ ابن كثير وغيرهم.
وإذا تبين هذا فإنه لا يؤخذ من قوله: {وهو معكم} (4) وما جاء في معناها من الآيات، أنه مختلط وممتزج بالمخلوقات، لا ظاهرا ولا حقيقة، ولا يدل لفظ (مع) على هذا بوجه من الوجوه، وغاية ما تدل عليه المصاحبة والموافقة، والمقارنة في أمر من الأمور، وهذا الاقتران في كل موضع بحسبه، قال أبو عمر الطلمنكي رحمه الله تعالى: أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: {وهو معكم أين ما كنتم} (5) ونحو ذلك من القرآن: أنه
Page 143