459

Al-Majmūʿ al-Manṣūrī al-juzʾ al-thānī (al-qism al-awwal)

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

وأما الأصل الثالث: وهو أنه لولا أن إجماعهم حجة، ومتابعتهم واجبة، لما أمننا، فلأن المعجزات الظاهرة على يده عليه السلام قد أزاحت عنا تجويز التلبيس والتغرير في أخباره، فلو لم يكن قولهم واجب الاتباع لكان قوله عليه السلام: ((ما إن تمسكتم لن تضلوا)) أمان لنا من غير مأمون، واستدعاء لنا إلى ارتكاب المخوف، وذلك أعظم التغرير وأقبح التلبيس، وقد ثبت أنه لا يجوز عليه شيء من ذلك.

وأما الطريقة الثانية من الطريقتين المتقدمتين فهي: أنا نقول قد ثبت لنا بما قدمنا كون إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة، فلا يخلو القائل أن إجماع الأمة حجة، إما أن يعتبر أهل البيت أو لا يعتبرهم، فإن لم يعتبرهم فقد أخرج أفاضل الأمة عن أن يعتد بهم ولا قائل بذلك ، وإن اعتبرهم، فالحجة لازمة لقولهم لما قدمنا، فلا معنى لجعل إجماع الأمة إجماعا ثابتا غير إجماع العترة.

فقد صح لك أن مدار الحق على العترة في الحالين جميعا، وذلك يكشف عن أنه لا اعتبار بسواهم لأنا نجعل الحجة ما كان قائما بنفسه بالدلالة، فلو ساغ جعل ما ليس بحجة حجة إذ انظم إلى الحجة حجة، لساغ قول من يقول: أن قول الواحد حجة يجب اتباعها إذا انظم إلى دليل عقلي وذلك ظاهر الفساد بمن الله وعونه.

فهذا هو الكلام في هذا الفصل على وجه الاختصار، ووفاء بما وعدنا به في أول الفصل والآيات المنزلة والأخبار الواردة كثيرة واضحة أضربنا عن ذكرها كراهة الإطالة والسلام.

والحمد لله وحده وصلى الله على رسوله وآله وسلم

Page 50