Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Genres
المسألة الثانية والأربعون [ في كلام الله أيضا ]
قال تولى الله هدايته: وهل إن كان محدثا وهو معنى فقط فلا يصح إحداثه إلا في محل ويعرضه قلب أمين الوحي جبريل صلى الله عليه وإذا كان هكذا فهو كلام من قام بقلبه كالحكم في حدث الإرادة وله اختصاص بمحله لا تعدوه إلى محل آخر، وهكذا كل قائم بغيره يجري على حكم الاختصاص، فيلزم من ذلك أن معنى ما نقرؤه من القرآن ليس هو كلام الله وينتفي عن الإله تعالى حكم الاستناد في إحداثه إليه، كاستناد [ما في جميع] العالم من الأعراض إلى أنه محدثها في محالها التي لا قوام لها إلا فيها وبها يوصف كالسواد الذي صفة لمحله حتى قيل أسود،فيكون بهذا كلام البشر لا كلام الله، وفي ذلك تكذيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخروج عن الملة، أفتنا يرحمك الله.
الجواب: قد بينا فيما سبق الكلام على حدثه فلا معنى لترداد ذكره، وبينا أنه ليس بمعنى زائد على الأصوات والحروف، وما ذكره من الإلزام متفرع على أنه معنى زائد عليها وعلى أنه صفة للمتكلم وليس بفعل من أفعاله بما تقدم فلا صحة، فإذا بطل الأصل بطل الفرع تبعا، إذ صحة الفرع مبنية على صحة أصله، وبطل الأصل الذي هو كونه معنى زائد على ما ذكرنا وكونه صفة للمتكلم، حيث بينا أنه فعل من أفعاله فيما تقدم، فلا صحة للفرع الذي فرعه عليه، وقياسه للكلام على الإرادة لا يصح؛ لأن الإرادة توجب للجملة إذا حلت في قلب الحي، وإن لم تحل أمالها في جميع أجزائه على سبيل الشياع وليس كذلك الكلام، لأنه لا يوجب للمتكلم حالا فلو حل قلب الأمين لم يوجب له صفة كونه متكلما ، غير أن الكلام ليس بمعنى في النفس كما قدمنا، وليس مرادنا التطويل وبقية [النبأ] ينبي عن صدق البارق وإصابة النو.
وقد بينا فيما تقدم أن هذا الموجود بين أنباء كلام الله، وبينا كيفية إضافته إليه من حيث [الإنشاء] وقررنا بضرب المثال [في] المنشد والقصيدة. وهذا هو الجواب عما سألت أرشدك الله.
Page 280