Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Genres
[ حكم معاوية وأتباعه ]
وسألت: هل معاوية لعنه الله كافر؟ فما الحجة على كفره، وإن ثبت كفره فهل حكم أصحابه كحكمه أم لا؟ فلم لم يسر فيهم علي عليه السلام سيرة الكفار من سبي وغيره، وهل يكون حكم من مال إليه أو حارب معه وإن لم يصوبه في حرب علي عليه السلام ولا لحبه ولا لطلب دنيا أو أنس متقدم أو لكون الجهة جهته فلم ينتقل؟
الكلام في ذلك: إن معاوية عندنا أهل البيت كافر ولم يعلم في ذلك خلافا من سلفنا الصالح سلام الله عليهم والحجة على كفره أنه رد ما علم من دين النبي ضرورة، والراد لما علم من دينه ضرورة كافر بالإجماع من الأئمة والأمة، وإنما قلنا: إنه رد ما علم ضرورة؛ لأن المعلوم من فعله ضرورة ادعاء أخوة زياد بن أبيه، وقد ورد عن رسول الله أنه قال: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) فقال: الولد للعاهر ولا يضره عهره، فكفر بذلك وبأشياء أخر، ولكن هذا كاف في هذا الباب وأوضح لأولي الألباب، وحكم أصحابه كحكمه بلا خلاف؛ لأن الله تعالى يقول: ?يوم ندعو كل أناس بإمامهم?[الإسراء:71]، وأما أن عليا عليه السلام لم يسبيهم فإنما وقع الحرب بينه وبينهم بصفين بين الشام والعراق، وإن كانت داخلة في تخوم الشام، ولم يلتق فيها إلا الرجال مصلتين بالسيوف والرماح، ولو أن عليا عليه السلام تمكن منهم ولم يسب؛ فللإمام أن يسبي وأن يدع، ولم نتشدد إلا لغموض الأحكام في المنتسبين إلى الإسلام، من كفرة الأنام، لالتباس ذلك على العوام، فليس في تركه السبي حجة لاحتمال الحال، ولأن كفر معاوية لم نقطع به إلا بعد موت علي عليه السلام؛ لأنه لم يدع زيادا إلا بعد موت علي وولده الحسن عليهما السلام، وقد انقطعت الحرب يوم ذلك بظهوره على الأمر وعدم المحارب له، وليس كون سبب الكفر حمية أو طلب دنيا أو محبة دار تسقط حكم الكفر. فاعلم ذلك موفقا وأهل العلم لا يجهلون هذا المقدار.
Page 154