بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر يا كريم
الحمد لله الذي قدر الآجال، ووسع الآمال، وأوزع النعم، وتوعد جاحدها بالنقم، فمن شكر زاده من إنعامه، ومن كفر كاده بانتقامه، أحمده والحمد لنعمه من أوثق الوثائق، وأشكره والشاكر في ازدياد من فضله بوعده الصادق. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نظير ولا مثيل، شهادة تهدي المخلص بها سواء السبيل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للخلائق، المنعوت بأحسن الخلائق، المؤيد بالعصمة، الشاهد على الأمة، الجامع لمفترقات الكمالات، المؤيد بالبراهين القاطعة والدلالات. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه نجوم الهدى ورجوم العدى، وليوث الردى، وغيوث الندى، صلاة وسلاما متتابعين من اليوم إلى أن يبعث الناس غدا.
أما بعد: فإن كثيرا من سلف المحدثين اعتنوا بجمع أسامي شيوخهم،
1 / 75
وتدوين أخبار كبارهم، فتغايرت مقاصدهم في الترتيب، فرأيت أن أحذو حذوهم، وأسير تلوهم؛ لأتذكر عهدهم وأجدد لهم الرحمة بعدهم، فجمعت أسامي شيوخي على المعجم مرتبا، وقسمتهم إلى قسمين مهذبا:
(فالأول): من حملتُ عنه على طريق الرواية.
(والثاني): من أخذت عنه شيئا على طريق الدراية.
وأضفت إلى الثاني من أخذت عنه شيئا في المذاكرة من الأقران ونحوهم.
وقد قسمتهم من حيث العلو إلى خمس مراتب:
(الأولى): من حدثنا عن مثل التقي سليمان، وأبي الحسن الواني، وأبي النون الدبوسي، وعيسى المطعم، والقاسم ابن عساكر، وأبي العباس ابن الشحنة، ونحوهم، وعلامتهم (ط) إشارة إلى أنهم الطبقة الأولى.
1 / 76
(الثانية): من حدثنا عن أصحاب السلفي، وشُهدة بالسماع أو بإجازة واحدة خاصة، وعلامتهم (طب) إشارة إلى أنهم الطبقة الثانية.
(الثالثة): من حدثنا عن أصحاب ابن عبد الدائم، والنجيب وابن علاق ونحوهم، وعلامتهم (طس) إشارة إلى أنهم من الطبقة الوسطى.
(الرابعة): من حدثنا عن أصحاب الفخر ابن البخاري، وابن القواس، والأبرقوهي ونحوهم ممن كان يمكننا الأخذ عنهم ولو بالإجازة، وقد حصلت لنا عن أكثرهم لكن بطريق العموم، وعلامتهم (طص) إشارة إلى أنهم الطبقة الصغرى.
1 / 77
(والخامسة): من أشرت إليه ممن أخذت عنه في المذاكرة، أو شيئا ما لغرض، أو نوعا من العلم أو إنشادا، أو فائدة، أو من ليس عندي عنه إلا الإجازة، أو الشيء اليسير بالسماع من أهل الطبقة الخامسة من غير استيعاب لهم، وهم جل أهل القسم الثاني الذي أفردته في هذا الكتاب، وترك العلامة لهم علامة.
ولم أدخل في القسم الأول أحدا ممن أجاز عاما ودخلنا فيه، ولو كان فيها نوع خصوص. وقد ظفرت بإجازات صدرت من جماعة من أصحاب الفخر لأهل مصر الموجودين حين صدور الإجازة، وكنت إذ ذاك موجودا، ففي عمومها نوع خصوص، ومع ذلك فاقتنعت عن ذلك بما عندي بالسماع والإجازة الخاصة. وقد عهدتُ متقني مشايخي لا يعبأون بذلك، وإن بدا لي سردهم منبها عليهم في آخر القسم الأول من هذا المجموع.
وقد بدا لي أن يكون هذا المعجم مشتملا على (الفهرست)، جمعا بين النوعين، وتأصيلا للفرعين، فذكرتُ في ترجمة كل شخص جميع ما سمعته منه أو قرأته عليه، إلا ما غاب عني، ومن لي منه إجازة اقتصرت منه على ما ليس عندي غالبا.
وسميته (المجمع المؤسس للمعجم المفهرس) والله أسألُ أن لا يجعل ما عملناه علينا وبالا، وأن يلهمنا العمل بما يقربنا من رضوانه ﷾.
1 / 78
حرف الألف
من القسم الأول
ذكر من اسمه إبراهيم
[١] إبراهيم بن أحمد
ابن عبد الواحد بن عبد مؤمن بن كامل بن سعيد بن علوان التنوخى، البعلى الأصل ثم الدمشقى، نزيل القاهرة [المحروسة]، الشيخ برهان الدين الشامى، الضرير المقرئ المجود المسند الكبير أبو إسحاق.
وكناه شيخه الوادى آشى: (أبا الفداء). وقد نسبه بعضهم: (القمرى) لإقامته بجامع الأقمر دهرا طويلا إلى أن مات. وكان يقال لوالده القاضى شهاب الدين الحريري.
1 / 79
ولد بدمشق سنة تسع وسبع مائة، او فى اوائل سنة عشر، وأجاز له فى سنة ست عشرة أبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم، وعيسى بن عبد الرحمن بن معالى المطعم، وأبو نصر ابن أبى الفضل ابن الشيرازى، واحمد بن أبى بكر القرافى، ومحمد بن عبد الرحيم ابن النشووآخرون؛ يجمعهم "معجمه" الذى خرجته له فى اربعة وعشرين جزءا، عن أكثر من خمسمائة شيخ بالسماع والإجازة.
وذكر لى ابن الجزرى لما قدم علينا سنة بضع وعشرين أنه وقف على إجازة شيخنا من التقى، وست الوزراء ونحو ذلك، لكنى لم أكن وقفت على ذلك حال تخريجى "لمعجمه".
وسمع فى سنة ست وعشرين وما بعدها على أبى العباس الحجار،
1 / 80
وأيوب بن نعمة الكحال، وعبد الله بن أبى التائب.
وتفقه بدمشق على شيوخها إذ ذاك، ثم رحل إلى حماه فتفقه على القاضى شرف الدين البارزى، وأذن له. ثم إلى حلب فتفقه على الشيخ شمس الدين ابن النقيب، وأذن له. ثم إلى القاهرة فتفقه على الشيخ شمس الدين ابن القماح وأذن له.
وعنى بالقراءات، فجمع على أبى حيان، والوادى آشى، والبرهان الحكرى وغيرهم.
وأخذ بالإسكندرية عن أبى العباس ابن المرادى الأندلسي، وسمع
1 / 81
الكثير في غضون ذلك. وصحب القاضى عز الدين ابن جماعة وسمع معه وعليه.
ولما رجع إلى دمشق حدث "بالأربعين المتباينة من مرويات عز الدين ابن جماعة، تخريج محمد على بن أيبك السروجى"، فسمعها منه الحافظ أبو عبد الله الذهبى وجماعة، أخبرنى الشيخ برهان الدين بذلك، ثم وقفت على الأصل، وعلى طبقة السماع بخط القاضى برهان الدين ابن جماعة وفيها ما نصه: سمع "الأربعين" على الشيخ برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخى بحضرة شيخنا الحافظ شمس الدين الذهبى كاتبه وغيره ... "إلى آخر الطبقة، نقلتها من خطه ملخصا.
ثم رأيت فى "سير النبلاء"للذهبى فى آخر ترجمة أبى العباس المرادى المعروف بالعشاب: حدثنى إبراهيم بن علوان أنه سمع "التيسير" من
1 / 82
العشاب بسماعه على أبى محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الأعلى، عن أبى جعفر ابن الحصار تلاوة وسماعا بسنده، قال: والتمس منه أن يقرئه بالسبع، فاعتل بأنه تارك.
قلت: وإبراهيم بن علوان هو شيخنا، نسبه الذهبى لجده الأعلى، وسيأتى سنده فى "التيسير" عن أبى العباس المذكور، كما ذكر الذهبى.
ورأيت فى طبقة سماع على محمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدائم بخط القاضى برهان الدين ابن جماعة: "وسمع الإمام برهان الدين، وتاريخها سنة إحدى وأربعين وسبع مائة".
ثم رجع الشيخ برهان الدين إلى القاهرة، فسكنها، وحدث بالكثير، وتفرد بجملة من مسموعاته وكان قد تغير فى أواخر عمره إلى أن اجتمعت به.
وخرجت له "المعجم".
و"المائة العشارية" ففرح بها وانبسط فى التحديث، فلازمته زيادة على ثلاثة سنين، ووصلت عليه بالإجازة شيئا كثيرا، وانتفعت ببركته ودعائه لى كثيرا.
وخرجت له "أربعين عشارية" تلو المائة أيضا، وما أظنه حدث بها.
1 / 83
ووقفت له بعد موته على عدة أجزاء لم نسمعها عليه، منها:
"جزء البانياسى"
ومن "الصلاة، لأبى نعيم الكوفي".
وكان شيخنا الحافظ أبو الفضل ابن الحسين يجله ويعظمه، ويمتنع من التحديث بما هو عوالى الشيخ برهان الدين، بل يحيل عليه فى ذلك. سمعت الإمام إبراهيم بن سليمان السرائى يقول له: نريد أن نسمع عليكم"مسند الدارمي"، فقال: أما والشيخ برهان الدين حي فلا.
1 / 84
وكان الشيخ برهان الدين قد ثقل لسانه بعد أن أضر لعلة أصابته، وكان استحضاره مع ذلك جيدا. وقد أنشدنا عدة أناشيد.
وحدثنى أنه قرأ "تلخيص المفتاح" على مؤلفه القاضى جلال الدين.
وقد وقفت على "ثبت" شيخنا بالقراءات، وفيه أنه قرا على أبى حيان بالعشر، وأجاز له التدريس بها، وأجاز له تصانيفه معينا منها:
البحر" فى التفسير.
و"شرح التسهيل" في النحو.
1 / 85
و"التذكرة".
و"الموفور فى تحرير أحكام ابن عصفور" وغيرها.
وفيه شهادة القاضى عز الدين ابن جماعة، والشيخ شمس الدين ابن السراج، والشهاب السمين، وغيرهم من الأكابر على أبى حيان بذلك.
قرأت على الشيخ برهان الدين المذكور:
١ - "المسلسل بالأولية" بسماعه له بشرطه من/ أبى الفتح الميدومي، قال [حد] ثنا أبو الفرج ابن الصيقل، قال [حد] ثنا أبو الفرج ابن الجوزى، قال [حد] ثنا أبو سعد بن أبى صالح، قال [حد] ثنا
1 / 86
والدي، قال [حد] ثنا أبو طاهر ابن محمش، قال بحد] ثنا أبو حامد ابن بلال، قال [حد] ثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال [حد] ثنا سفيان بن عيينة - وهو أول حديث سمعته من سفيان - عن عمرو بن دينار، عن أبى قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن ﵎، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء". قال أبو حامد: هذا أول حديث سمعته من عبد الرحمن، وكذا قال كل من رواته إلى شيخنا، وكذا أقول.
٢ - وقرأت عليه من أول القرآن [العظيم] إلى قوله (المفلحون) فى البقرة [آية ٥] جامعا للقراءات السبع بما اشتمل عليه "التيسير" و"العنوان" بقراءته لهذا القدر على الشيخ برهان الدين
1 / 87
الجعفبري شيخ القراءات. وأذن لى الشيخ برهان الدين، وأشهد عليه بذلك فى شهر رمضان سنة ست وتسعين.
ثم قرات عليه "الشابطية" تامة بسماعه لها على القاضى بدر الدين محمد بن إبراهيم ابن جماعة بسماعه لها على المعين أبى الفضل هبة الله بن محمد بن الأرزاق المعروف ب"ابن فار اللبن"، وبـ "قارئ مصحف الذهب" بسماعه من ناظمها.
٣ - وقرأت عليه "العقيلة فى مرسوم الخط، نظم الشاطبى" أيضا، بقراءته هو لها على الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي بسماعه
1 / 88
على الحسن بن عبد الكريم سبط زيادة بسماعه لها من لفظ محمد بن عمر بن يوسف القرطبى، بسماعه على ناظمها.
وأخبرنى شيخنا بهذه "العقيلة" وبـ "الشاطبية" أيضا عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، إجازة عن أبى الحسن على السخاوى، عن الشاطبى بالعلو، ولله الحمد.
٤ - وقرأت عليه "الخلاصة الألفية فى العربية، نظم أبى عبد الله ابن مالك"، بسماعه لها على أبى العباس أحمد بن محمد بن سليمان بن
1 / 89
حمائل الجعفري المعروف بـ "ابن غانم"، وإجازته من الشهاب محمود بن سلمان الحلبى بسماعهما على ناظمها.
٥ - وسمعت على شيخنا المذكور جميع "صحيح البخاري"
1 / 90
بسماعه له على أبى العباس أحمد بن أبى طالب بن أبى النعم الحجار، قال [أخبر] نا أبو عبد الله الحسين بن المبارك الزبيدى سماعا، وابو المنجا ابن اللتى إجازة مشافهة، وابو الحسن محمد بن احمد بن عمر القطيعى، وابو الحسن على بن أبى بكر بن روزبة القلانسى إجازة مكاتبة منهما، قال الأربعة [أخبر] نا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى سماعا عليه لجميعه - إلا ابن اللتى فقال: من (باب غيرة النساء) إلى آخر الكتاب سماعا، والباقى إجازة - قال [أخبر] نا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودى، قال [أخبر] نا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه
1 / 91
السرخسي، قال [أخبر] نا أبو عبد الله يوسف بن مطر بن صالح الفربرى، قال [أخبر] نا البخاري.
٦ - وقرأت عليه الموجود من "مسند عبد بن حميد بن نصر الكشى"، بسماعه له على أبى العباس الحجار، وإجازته له من إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، وزينب بنت أحمد بن عمر بن شكر بسماعهم على ابن اللتى لجميعه، إلا أن الحجار فاته منه من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمى إلى قوله فى حديث ابن عمر: "من شهد إملاك رجل مسلم ... " الحديث فإجازة لهذا القدر منه، قال [أخبر] نا أبو الوقت، قال [أخبر] نا أبو الحسن ابن المظفر قال
1 / 92
[أخبر] نا أبو محمد بن حمويه، قال [أخبر] نا إبراهيم بن خزيم الشاشى، قال [أخبر] نا عبد بن حميد.
٧ - وسمعت عليه بقراءة الشيخ زين الدين الفارسكورى "مسند أبى محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي"، وهو مرتب على الأبواب، بسماعه له على أبى العباس الحجار، بسماعه - سوى من (باب اغتسال الحائض إذا وجب عليها الحيض) إلى (باب النهى عن الاشتباك إذا دخل المسجد) - على ابن اللتى، فغجازة منه لهذا القدر غن لم يكن سماعا، قال [أخبر] نا ابو الوقت، قال [أخبر] نا ابن المظفر، قال [أخبر] نا ابن حمويه، قال [أخبر] نا عيسى بن عمر السمرقندى، قال اخبرنا الدارمي.
٨ - وقرأ لنا شيخنا سورة الصف، وتسلسلت لنا متصلة إلى النبى ﷺ بهذا الإسناد إلى الدارمي، ثم إلى النبى ﷺ.
٩ - وقرأت عليه "الجامع، لأبى عيسى محمد بن عيسى بن سورة
1 / 93
الترمذي" بسماعه لجميعه من المشايخ: المسند المعمر ابى الحسن على بن محمد بن ممدود بن جامع البندنيجى والحافظ أبى الحجاج يوسف ابن الزكى عبد الرحمن المزى، وشمس الدين محمد بن أبى بكر ابن طرخان، وعبد الرحيم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن أبى اليسر التنوخى.
وبسماعه له - سوى الميعاد الأول وينتهى غلى (باب ما جاء فى التعجيل بالظهر) - سوى الميعاد الول وينتهى إلى (باب ما جاء فى التعجيل بالظهر) - على الحافظ علم الدين القاسم بن محمد البرزالي، وعبد الرحمن بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية.
وسوى الميعاد الرابع، وأوله: (باب ما جاء فى فضل الصوم). وآخره:
1 / 94