289

نعرف الحق ثم نعرض عنه... ونراه ونحن عنه نميل لهوى النفوس سريرة لاتعلم، فالحكم لله العلي الكبير، نعم المولى ونعم النصير. وهذان الحديثان مما وضعا معارضة للخبر المعلوم المروي في الصحيحين وغيرهما من طلبه صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب لهم كتابا لن يضلوا من بعده، فقال عمر: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبكم كتاب الله. فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((قوموا عني )) . وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ماحال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب ثم بكى ابن عباس حتى بل دمعه الحصى. هذه رواية البخاري ومسلم، ولقد فهم عمر مراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من التأكيد بخلافة أخيه كما صرح به عمر في رواية صحيحة ولولا أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد بلغهم في يوم الغدير وغيره لما استطاع عمر ولاغيره أن يمنعوه من تبليغ ما أمره الله به، ومما يدلك على وضع هذين الخبرين مافيهما من أنه هم أن يرسل إلى أبي بكر وابنه فيعهد إليهما، فكيف تكون حجة الله على الخلق في خلافته على جهة المسارة لأبي بكر وابنه فأين هذا مما بلغه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على رؤوس الأشهاد في خبر الغدير؟! وغيره هذا معلوم لايخفى على من له أدنى مسكة من التمييز.

والحق أبلج ماتخيل سبيله .... والحق يعرفه ذووا الألباب

Page 273