[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْفَضْلِ وَالْعِرْفَانِ وَوَفَّقَنَا لِبَيَانِ مَا شَرَعَ فِي الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَتَمَّانِ الْأَكْمَلَانِ عَلَى مَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى لِلْإِنْسَانِ
(وَبَعْدُ)
فَيَقُولُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ الْهَادِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ غَانِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَسَائِلِ الضَّمَانَاتِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ إذْ أَكْثَرُ الْمُنَازَعَاتِ فِيهَا تَقَعُ وَالْخُصُومَاتُ خُصُوصًا مَنْ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ وَالْإِفْتَاءَ فَهِيَ فِي حَقِّهِ فَرْضٌ بِلَا امْتِرَاءٍ فَإِنَّ الْخَطَأَ فِيهَا يُورِثُ حُزْنًا طَوِيلًا وَقَدْ وَرَدَ أَغَبَنُ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ دِينُهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَخْفَى وُجُوبُ مَعْرِفَتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَقِيٍّ يَخَافُ عَلَى دِينِهِ وَيَخْشَى مَقَامَ رَبِّهِ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ لَا يَبْرَأُ عَنْهَا إلَّا بِالْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِحْلَالِ وَطَلَبِ الرِّضَا فِيمَا لَهُ وَمَا لَهَا نَسْأَلُ اللَّهَ الْعِصْمَةَ عَنْهَا وَعَنْ وَبَالِهَا وَقَدْ جَمَعَ بَعْضًا مِنْهَا بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَكْثَرُ مَنْ جَمَعَ مِنْهَا فِيمَا رَأَيْنَا صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ فَإِنَّهُ أَفْرَدَ لَهَا فَصْلًا وَذَكَرَ فِيهِ مِنْهَا طَرَفًا صَالِحًا أَصْلَحَ اللَّهُ شَأْنَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْأَبْوَابَ وَلَا أَتَمَّ الْكَلَامَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَبْوَابِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَطْلُبُ مِنْهُ تَشْبِيهًا وَقِيَاسًا فَرَأَيْت أَنْ أُبْرِزَ فِي ذَلِكَ وُسْعِي وَمَقْدِرَتِي وَأَتَتَبَّعَ الْكُتُبَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْفَتْوَى كَقَاضِي خَانْ وَالْهِدَايَةِ وَالصُّغْرَى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَجِدُ فِي الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ وَأَقُصُّ الْأَثَرَ وَأُجِيلُ الْفِكْرَ وَالنَّظَرَ وَلَا أَدَعُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا رَابِطَةً وَلَا جُزْئِيَّةً تَعَلَّقَ بِهَا نَظَرِي أَوْ تَنَاوَلَهَا فِكْرِي إلَّا قَيَّدْتُهَا بِقَلَمِ التَّحْرِيرِ ذَاكِرًا كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِي بَابِهَا مُورِدًا كُلَّ فَرْعٍ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِهَا لِيَسْهُلَ الطَّلَبُ وَيَقِلَّ التَّعَبُ
1 / 2
رَاجِيًا مِنْ اللَّهِ الْأَجْرَ الْجَزِيلَ وَالدُّعَاءَ مِمَّنْ انْتَفَعَ بِهَا وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ غَيْرَ إنِّي تَرَكْت الْأَدِلَّةَ إلَّا الْيَسِيرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لَيْسَ مَوْضِعَ تَحْقِيقٍ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ عَلَيْنَا بَيَانُ الصَّحِيحِ وَالْأَصَحِّ وَالْمُفْتَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ فِي كُتُبِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِغَرَضٍ دَعَا إلَى ذَلِكَ يَظْهَرُ عِنْدَ الطَّلَبِ وَالتَّأَمُّلِ فِي ذَلِكَ وَسَمَّيْنَا الْكِتَابَ (مَجْمَعَ الضَّمَانَاتِ) .
وَالْمُنَاسَبَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَخْفِيَّاتِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ بَابًا:
(الْبَابُ الْأَوَّلُ): فِي الزَّكَاةِ
(الْبَابُ الثَّانِي): فِي الْحَجِّ
(الْبَابُ الثَّالِثُ): فِي الْأُضْحِيَّةِ
(الْبَابُ الرَّابِعُ): فِي الْإِعْتَاقِ
(الْبَابُ الْخَامِسُ): فِي الْإِجَارَةِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ.
الثَّانِي: ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ
الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْعَقَارِ.
الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْآدَمِيِّ.
(الْقَسَمُ الثَّانِي): فِي الْأَجِيرِ وَأَجِيرِهِ وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ نَوْعًا
الْمُقَدِّمَةُ: فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ وَمَا يَضْمَنُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الرَّاعِي وَالْبَقَّارِ
الثَّانِي: ضَمَانُ الْحَارِسِ
الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْحَمَّالِ
الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْمُكَارِي
الْخَامِسُ: ضَمَانُ النَّسَّاجِ
السَّادِسُ: ضَمَانُ الْخَيَّاطِ
السَّابِعُ: ضَمَانُ الْقَصَّارِ
الثَّامِنُ: ضَمَانُ الصَّبَّاغِ
التَّاسِعُ: ضَمَانُ الصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ وَالصَّفَّارِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاشِ
الْعَاشِرُ: ضَمَانُ الْفَصَّادِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ
الْحَادِيَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْمَلَّاحِ
الثَّانِيَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْخَبَّازِ وَالطَّبَّاخِ
الثَّالِثَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْعَلَّافِ وَالْوَرَّاقِ وَالْكَاتِبِ
الرَّابِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْإِسْكَافِ
الْخَامِسَ عَشَرَ: ضَمَانُ النَّجَّارِ وَالْبَنَّاءِ
1 / 3
السَّادِسَ عَشَرَ: ضَمَانُ الطَّحَّانِ
السَّابِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الدَّلَّالِ
الثَّامِنَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْمُعَلِّمِ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ
التَّاسِعَ عَشَرَ: ضَمَانُ الْخَادِمِ
(الْبَابُ السَّادِسُ): فِي الْعَارِيَّةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَخَمْسَةِ أَنْوَاعٍ:
الْمُقَدِّمَةُ فِي الْكَلَامِ فِيهَا إجْمَالًا
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ
الثَّانِي: ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ
الثَّالِثُ: ضَمَانُ الْقِنِّ
الرَّابِعُ: ضَمَانُ الْعَقَارِ
الْخَامِسُ: ضَمَانُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ
(الْبَابُ السَّابِعُ): فِي الْوَدِيعَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِهَا وَمَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ أَنْ يَفْعَلَ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَمَا يَصِيرُ بِهِ مُودِعًا
الثَّانِي: فِيمَنْ يَضْمَنُ لِلْمُودِعِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا يَضْمَنُ
الثَّالِثُ: فِي الْخَلْطِ وَالْإِتْلَافِ
الرَّابِعُ: فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ
الْخَامِسُ: فِي مَوْتِ الْمُودِعِ مُجْهِلًا
السَّادِسُ: فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ
(الْبَابُ الثَّامِنُ) فِي الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ:
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ): فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَحُكْمُ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ
الثَّانِي: فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ
الثَّالِثُ: فِيمَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ
الرَّابِعُ: فِي الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ وَالزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ وَاسْتِبْدَالِهِ وَتَعَدُّدِهِ
الْخَامِسُ: فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ
السَّادِسُ: فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ
السَّابِعُ: فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ
الثَّامِنُ: فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ
التَّاسِعُ: فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ
(الْبَابُ التَّاسِعُ): فِي الْغَصْبِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ أَيْضًا
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِهِ وَالْكَلَامِ فِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ الْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ
1 / 4
الثَّانِي: إذَا ظُفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ
الثَّالِثُ: فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا
الرَّابِعُ: فِي الْعَقَارِ وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ أَوْ طَمَّ بِئْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ
الْخَامِسُ: فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ
السَّادِسُ: فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَآلَاتِ اللَّهْوِ
السَّابِعُ: فِي نُقْصَانِ الْمَغْصُوبِ وَتَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلٍ وَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمِلْكِ عَنْ الْعَيْنِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ
الثَّامِنُ: فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ
التَّاسِعُ: فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَمَا يَكُونُ رَدًّا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُونُ
(الْبَابُ الْعَاشِرُ): فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ
(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ): فِي إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِفْسَادِهِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ
الثَّانِي: فِي الضَّمَانِ بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ وَفِيمَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ
الثَّالِثُ: فِي الضَّمَانِ بِالنَّارِ
الرَّابِعُ: فِيمَا يَضْمَنُ بِالْمَاءِ.
(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ): فِي الْجِنَايَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا
الثَّانِي: فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ فَيَهْلَكُ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ وَفِيهِ مَسَائِلُ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ
الثَّالِثُ: فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَهْلَكُ بِهِ شَيْءٌ وَمَا يَعْطَبُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ
الرَّابِعُ: فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ
الْخَامِسُ: فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا
السَّادِسُ: فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ
السَّابِعُ: فِي الْجَنِينِ
(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ) فِي الْحُدُودِ وَفِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةِ الزِّنَا وَضَمَانُ السَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ
(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ): فِي الْإِكْرَاهِ
(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ) فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ
(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ) فِي اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ
(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ) فِي الْأَبْقِ
(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ) فِي الْبَيْعِ
(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ) فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ
1 / 5
(الْبَابُ الْعِشْرُونَ): فِي الْكَفَالَةِ
(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ) فِي الْحَوَالَةِ
(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ) فِي الشَّرِكَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ
الثَّانِي: فِي الْمُفَاوَضَةِ
الثَّالِثُ: فِي الْعَنَانِ
الرَّابِعُ: فِي الصَّنَائِعِ
الْخَامِسُ: فِي الْوُجُوهِ
(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْمُضَارَبَةِ
الثَّانِي: فِي الْمُبَاضَعَةِ
(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ
(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْوَقْفِ
(الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الْهِبَةِ
(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ
(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الرَّضَاعِ
(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي الدَّعْوَى
(الْبَابُ الثَّلَاثُونَ) فِي الشَّهَادَةِ وَفِي آخِرِهِ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ
(الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْإِقْرَارِ
(الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ) فِي الصُّلْحِ
(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي السَّيْرِ
(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْقِسْمَةِ
(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي
(الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ
(الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمُكَاتَبِ
(الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ) فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَفِيهِ مَسَائِلُ نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ وَفِيهِ مَاتَ وَتَرَكَ طَعَامًا فَأَطْعَمَ الْكَبِيرُ مِنْ الْوَرَثَةِ الصَّغِيرَ يَضْمَنُ أَوَّلًا، وَكَذَا إنْفَاقُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْهَا، وَفِيهِ حُكْمُ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَمَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَفِيهِ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَفِيهِ خَمْسَةٌ لَا يَرْجِعُونَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْوَلَدِ وَفِيهِ الْوَلَدُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَفِيهِ حُكْمُ الْإِشَارَةِ وَفِيهِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَارِثِهِ وَفِيهِ قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ وَفِيهِ تَبَرُّعٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ
1 / 6
إنْسَانٍ وَفِيهِ ظَفْرُ الْمَدْيُونِ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]
إذَا أَمَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخِرَ بِأَدَاءِ زَكَاةِ نَصِيبِهِ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ بَعْدَ أَدَاءِ صَاحِبِهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَدَّى بَعْدَ مَا أَدَّى الْمُوَكِّلُ ضَمِنَ عِنْدَهُ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: إنْ عَلِمَ بِأَدَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ وَقَوْلُهُمَا رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا صَرَفَ إلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ وَلَا يَمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
إذَا عَجَّلَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَدَفَعَهَا إلَى فَقِيرٍ فَأَيْسَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ جَازَ وَلَمْ يَضْمَنْ السَّاعِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ أَوْ الْفَقِيرِ مِنْ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ
وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ فَلِلْإِمَامِ أَخْذُهَا، ثَانِيًا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ إذَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ فِي السَّائِمَةِ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا فَيَضْمَنُهُ وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ: الْأَوَّلُ نَفْلٌ وَالثَّانِي الزَّكَاةُ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ الزَّكَاةُ وَالثَّانِي سِيَاسَةٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا بَيَّنَّا قَيْدَنَا بِقَوْلِنَا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ مَا عَدَا السَّائِمَةِ يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ، وَقِيلَ: لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ ثَانِيًا مُطْلَقًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْوَجِيزِ.
لَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُهُ وَقِيلَ: إنْ هَلَكَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ وَبَعْدَ طَلَبِ السَّاعِي يَضْمَنُهُ عِنْدَنَا أَيْضًا وَفِي الِاسْتِهْلَاكِ يَضْمَنُهُ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَالَ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْعَبْدِ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الزَّكَاةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
رَجُلَانِ دَفَعَا زَكَاتَهُمَا إلَى رَجُلٍ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُمَا فَخَلَطَ الْمَأْمُورُ مَالَيْهِمَا فَتَصَدَّقَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مَالَيْهِمَا مِنْ ضَمَانِ الطَّحَّانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
الْعَالِمُ إنْ سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ أَشْيَاءَ وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا وَلَا يُجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ لِيَصِيرَ وَكِيلًا عَنْهُمْ بِقَبْضِهِ فَيَصِيرُ خَالِطًا مَالَهُ بِمَالِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ.
رَجُلٌ أَمَرَ آخَرَ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ مِنْ الْآمِرِ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ: الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ خَرَاجٍ وَصَدَقَاتٍ وَاجِبَةٍ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
لَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْ الْغَلَّةِ قَبْلَ أَدَاءِ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ إلَّا إذَا كَانَ عَازِمًا عَلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ أَكَلَ قَبْلَهُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَفِي الْعَتَّابِيِّ عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لَكِنْ بَعْدَمَا أَكَلَ مِنْ النِّصَابِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَلِعِيَالِهِ وَإِنْ أَكَلَ فَوْقَ الْكِفَايَةِ ضَمِنَ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ يَرْجِعُ عَلَى
1 / 7
الدُّهْقَانِ وَالْأَجِيرِ.
إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ: أَدِّ عَنِّي مِنْ الْأُجْرَةِ فَأَدَّى جَازَ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
إذَا غَلَبَ عَلَى أَرْضِ الْخَرَاجِ الْمَاءُ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا أَوْ اصْطَلَمَتْ الزَّرْعَ آفَةٌ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْخَرَاجِ وَإِنْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ السِّيَرِ.
لَوْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ فَقِيرًا لَا يَضْمَنُ رَبُّ الدَّيْنِ قَدْرَ الزَّكَاةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
اشْتَرَى أَرْضًا وَقَدْ بَقِيَ فِي السَّنَةِ مَا لَمْ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ زِرَاعَتِهَا حَتَّى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فَأَخَذَهُ الْعَامِلُ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ حَامِلُ الْبَرَاءَاتِ بِالْخَرَاجِ أَخَذَ مَا فِي الْبَرَاءَةِ مِمَّنْ وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَيْسَ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِخِلَافِ الآكار عَلَى قَوْلِ السُّدِّيِّ وَكَذَا الْجِبَايَاتُ وَتَرْكُ النَّازِلِينَ وَنَحْوِهَا أَهْلُ قَرْيَةٍ نَصَّبُوا عَامِلًا بِالْإِنْفَاقِ لِيَجْبِيَ خَرَاجَهُمْ وَيَصْرِفَهُ إلَى الْوَالِي ثُمَّ تَوَارَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ خَرَاجَهُ مِنْ الْعَامِلِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ.
مَرِيضٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا يُعْطِيهَا وَلَوْ أَعْطَاهَا فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ بِثُلُثَيْهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا قَضَاءٌ لَا دِيَانَةٌ إذْ قِيلَ إنَّهُ يُؤَدِّيهَا سِرًّا مِنْ الْوَرَثَةِ.
وَمَنْ يُؤَخِّرُ الزَّكَاةَ لَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ وَلَا يَأْخُذُ مَالَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبِيلَةِ الْغَنِيِّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ يَضْمَنُهُ بِأَخْذِهِ فِي الْحُكْمِ أَمَّا دِيَانَةٌ يُرْجَى أَنْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.
أَعْطَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الْخَرَاجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ قُنْيَةٌ.
جَبَى الْعَامِلُ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ رَبَّ الْأَرْضِ جَبْرًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ وَالْأَرْضُ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُتَبَرِّعًا وَعَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا يَرْجِعُ الآكار عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]
ِّ إنْ أَصَابَ حَلَالٌ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ فَأَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ غَيْرُهُ يَضْمَنُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُهُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ يَضْمَنُهُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِنْ أَصَابَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَأَرْسَلَهُ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ قَتَلَهُ آخَرُ فِي يَدِهِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا جَزَاؤُهُ وَيَرْجِعُ الْآخِذُ عَلَى الْقَاتِلِ بِمَا ضَمِنَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ صَبِيًّا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِقِيمَتِهِ وَفِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ كَفَّرَ بِمَالِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِهِ وَإِنْ صَامَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَاتِلِ بِشَيْءٍ اهـ.
وَلَوْ حَلَقَ رَجُلٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا فَعَلَى الْمَحْلُوقِ دَمٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْحَالِقِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ يَضْمَنُ الْحَالِقُ لِلْمَحْلُوقِ الدَّمَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ.
الْحَاجُّ عَنْ الْغَيْرِ لَوْ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ الْحَاجُّ عَنْ الْغَيْرِ لَوْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ضَمِنَ النَّفَقَةَ لِإِفْسَادِهِ الْحَجَّ بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ لِأَنَّهُ مَا فَاتَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَإِذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ وَلَا يَضْمَنُ النَّفَقَةَ.
وَلَوْ أَمَرَهُ رَجُلَانِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْ
1 / 8
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا وَقَعَ عَنْهُ وَضَمِنَ لَهُمَا مَالَهُمَا وَلَوْ أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ بِأَنْ نَوَى عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ فَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَضْمَنُ وَإِنْ عَيَّنَ عَنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْمُضِيِّ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ﵀ مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْمَأْمُورُ بِالْإِفْرَادِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ لَوْ قَرَنَ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ لِلنَّفَقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَاعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُخَالِفٌ.
وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ وَحَجَّ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ حَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَمَرَ يَصِيرُ مُخَالِفًا فَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ وَلَوْ أَحْرَمَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ مُنِعْت لَمْ يُصَدَّق إلَّا بِحُجَّةِ أَوْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ الْوَجِيزِ.
أُمِرَ بِحَجٍّ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَدْفَعُ النَّفَقَةَ لِآخَرَ إلَّا بِإِذْنِ آمِرِهِ لَهُ.
وَصِيٌّ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ بِلَا أَمْرِ الْوَصِيِّ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا عَنْ وَصِيِّهِ وَالْحَاجُّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ضَامِنَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ أَنْفَقَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ الْكُلَّ فِي الذَّهَابِ وَرَجَعَ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ الْمَالَ الْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ مُؤْنَةَ الْكِرَاءِ مَاشِيًا ضَمِنَ الْمَالَ لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الْأَمْرُ بِالْحَجِّ وَلَوْ مَرِضَ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ: اصْنَعْ مَا شِئْت فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَالْمَأْمُورُ إذَا أَمْسَكَ الْبَعْضَ وَحَجَّ بِالْبَقِيَّةِ جَازَ وَيَضْمَنُ مَا خَلَّفَ وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ أَكْثَرُهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَكَانَ مَالُ الْمَيِّتِ يَكْفِي لِلْكِرَاءِ وَعَامَّةِ النَّفَقَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
قَالَ: حَجَجْت عَنْ الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَهُ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ لَهُ: حُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِمَا عَلَيْك فَزَعَمَ أَنَّهُ حَجَّ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
دَفَعَ إلَى آخَرَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ أَنْفَقَ فِي الرُّجُوعِ مِنْ نَفْسِهِ ثَلَاثِينَ بَعْدَ نَفَاذِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ هَذَا بِخُوَارِزْمَ فَلَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْمَأْمُورُ الْقِيمَةَ وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْأَشْبَاهِ.
[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]
رَجُلٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَأَمَرَ رَجُلًا بِذَبْحِهَا وَقَالَ: تَرَكْت التَّسْمِيَةَ عَمْدًا ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ الشَّاةِ لِلْآمِرِ فَيَشْتَرِي الْآمِرُ بِقِيمَتِهَا شَاةً أُخْرَى وَيُضَحِّي وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا وَلَا يَأْكُلُ.
رَجُلٌ دَعَا قَصَّابًا يُضَحِّي عَنْهُ فَضَحَّى الْقَصَّابُ عَنْ نَفْسِهِ فَهِيَ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَضْمَنُهُ.
رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ شِيَاهٍ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَذَبَحَ رَجُلٌ وَاحِدَةً مِنْهَا يَوْمَ الْأَضْحَى بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ صَاحِبِهَا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِذَبْحِ هَذِهِ الشَّاةِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَتْ صَارَ الْمَالِكُ مُسْتَغْنِيًا فَثَبَتَ الْإِذْنُ دَلَالَةً كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الصُّغْرَى قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ اهـ.
رَجُلَانِ غَلِطَا بِأُضْحِيَّتِهِمَا فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ رَضِيَا بِهِ يُجْزِيهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ وَيَتَرَادَّانِ
1 / 9
اللَّحْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِهِ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا ذَبَحَ بِنَفْسِهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ.
رَجُلٌ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا فَإِنْ ضَمِنَهُ يَجُوزُ عَنْ الذَّابِحِ دُونَ الْمَالِكِ وَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً يُجْزِيهِ عَنْ الْمَالِكِ.
وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً شِرَاءً فَاسِدًا وَضَحَّى بِهَا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا أَوْ يَأْخُذُهَا مَذْبُوحَةً فَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً فَعَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً لَا حَيَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَذْبُوحَةً وَلَكِنَّهُ صَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيمَتِهَا أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا حَيَّةً مِنْ الْوَجِيزِ.
مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ أُضْحِيَّتَهُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ وَإِنْ اشْتَرَى بِتِسْعَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عِشْرِينَ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَاوِي لَا يَلْزَمُ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ.
التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ يَتَقَيَّدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ قِيلَ: هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيُعْتَبَرُ الْإِطْلَاقُ كَمَا فِي وَكَالَةِ الصُّغْرَى.
[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]
وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ مَعَ آخَرَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ بِشِرَاءِ نِصْفِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ آخَرَ عَتَقَ حِصَّتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ حِصَّةَ شَرِيكِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلِمَ الشَّرِيكُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا ضَمَانَ فِيمَا إذَا عَلِمَ ذِكْرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَوْ غَنِيًّا وَيَسْعَى الْعَبْدُ لَوْ فَقِيرًا وَلَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ مَعَ آخَرَ بِأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا عَبْدٌ هُوَ ابْنُ زَوْجِهَا وَتَرَكَتْ أَخًا مَعَ الزَّوْجِ فَوَرِثَ الْأَبُ نِصْفَ ابْنِهِ وَالْأَخُ نِصْفَهُ الْآخَرَ لَمْ يَضْمَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ قَرِيبِ الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَهُ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى الْقَرِيبُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَهُوَ مُوسِرٌ يَضْمَنُ نِصْفَ شَرِيكِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْقِنِّ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَلَهُ الْإِعْتَاقُ وَفُرُوعُهُ وَالِاسْتِسْعَاءُ فَإِنْ ضَمِنَ رَجَعَ الْمُعْتِقُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلشَّرِيكِ الْإِعْتَاقُ وَالِاسْتِسْعَاءُ لَا الضَّمَانُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَيْسَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ وَالسِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي عِتْقِ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَالْعِتْقُ فِي صِحَّتِهِ يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي مَرَضِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ كَالتَّدْبِيرِ
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُسْتَوْفَى مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَالْمَرِيضُ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ يَضْمَنُهُ
1 / 10
وَأَنَّ مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَخْتَارُوا التَّضْمِينَ أَوْ السِّعَايَةَ أَوْ الْإِعْتَاقَ فَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْعِتْقَ وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ اخْتَارَ السَّاكِتُ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْآخَرَ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِ التَّضْمِينِ أَبْرَأَ الْعَبْدَ عَنْ السِّعَايَةِ وَبِاخْتِيَارِ السِّعَايَةِ صَارَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا فَلَا يَمْلِكُ نَقْلَهُ إلَى الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُمَيَّزٌ عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ فَصَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَلِشَرِيكِهِ الِاسْتِسْعَاءُ دُونَ التَّضْمِينِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا سِعَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ ضَمَانَ الْإِعْتَاقِ ضَمَانُ إتْلَافٍ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ أَتْلَفَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ حَيْثُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ بَابَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ وَلِذَلِكَ قِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ التَّضْمِينِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَحَدُّ الْيَسَارِ أَنْ يَمْلِكَ مِنْ الْمَالِ قَدْرَ قِيمَةِ نَصِيبِ الْآخَرِ لَا يَسَارَ الْغَنِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ وَالسِّعَايَةِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ التَّضْمِينِ وَلَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ لَا يَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ التَّضْمِينِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعِتْقِ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ لِلْحَالِ فَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَغِيرٍ يَسْتَأْنِي بُلُوغَ الصَّغِيرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ كَانَ فَلَهُ التَّضْمِينُ. أَوْ السِّعَايَةُ وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلِلْآخَرِ التَّضْمِينُ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى.
عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَدَبَّرَهُ الْآخَرُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَسْبَقُ أَوْ كَانَا مَعًا فَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَسْعَى الْعَبْدُ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ رُبْعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ لِلْمُدَبِّرِ الضَّمَانُ فِي حَالِ إنْ كَانَ التَّدْبِيرُ أَوَّلًا وَالسِّعَايَةُ فِي حَالِ إنْ كَانَ الْعِتْقُ أَوَّلًا فَيُنَصَّفُ مِنْ الْوَجِيزِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا قَدْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ قِنًّا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيمَتُهُ مُدَبَّرًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.
كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءٍ بَدَلَ الْكِتَابَةِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَسَعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ.
أَعْتَقَ أَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ فَبَيَّنَ فِي كَثِيرِ الْقِيمَةِ فَالْعِتْقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ إقْرَارِ الصُّغْرَى.
مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ لِمَوْلَاهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ يَقَعُ عَنْهَا وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْآمِرُ الْبَدَلَ بَلْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي وَلَمْ يُسَمِّ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْمُعْتِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ النِّكَاحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ أَيْضًا وَمَحْمَلُ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ مِنْ النِّكَاحِ.
عَبْدٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي مِنْ مَوْلَايَ وَاعْتِقْنِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالْعِتْقُ مَرْدُودٌ وَلَا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا فَاسِقٌ وَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْعِتْقَ نَافِذَانِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مَرَّةً أُخْرَى وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَكَالَةِ عَبْدٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٌ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَذَهَبَ فَاشْتَرَى
1 / 11
إنْ لَمْ يُضِفْ يَكُونُ الشِّرَاءُ لَهُ وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْعَبْدِ فَهُوَ إعْتَاقٌ وَمَا دَفَعَ مِنْ الْأَلْفِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَعَلَى الْعَبْدِ أَلْفٌ آخَرُ ثَمَنُ الْعَبْدِ اهـ.
عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَرَادُوا الضَّمَانَ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبِّرَ وَلَا يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ وَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَلَا يُضَمِّنُهُ الثُّلُثَ الَّذِي ضَمِنَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُدَبِّرِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ وَالثُّلُثُ لِلْمُعْتِقِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلَّذِي دَبَّرَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِشَرِيكَيْهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَقِيمَةُ الْمُدَبِّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا مِنْ الْهِدَايَةِ وَقَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ: وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ نِصْفُ قِيمَتِهِ قِنًّا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.
وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.
وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدَّيْنِ إنَّمَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ الْمَأْذُونِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا يَأْتِي فِي بَابِهِمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ شَيْءٌ وَمَنَافِعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ مَنْفَعَتُهُ إلَى الْمَالِكِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يُشْتَرَى بِهَا خَادِمٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ كِتَابَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَإِعْتَاقِهِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي اهـ.
مَرِيضٌ وَهَبَ قِنًّا لِامْرَأَتِهِ فَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ نَفَذَ وَتَضْمَنُ الْقِيمَةَ إذْ التَّمْلِيكُ فِي الِابْتِدَاءِ صَحَّ لَكِنْ انْقَلَبَ وَصِيَّةً بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
مَرِيضٌ وَهَبَ لِمَرِيضٍ قِنًّا فَحَرَّرَهُ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالْقِنُّ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْقَضَاءِ الْأَمَةُ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ إنَّهَا حُرَّةٌ بِدُونِ دَعْوَاهَا أَوْ ادَّعَتْ يَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ امْرَأَةِ عَدْلَةٍ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَدَالَةُ وَقُضِيَ بِعِتْقِهَا وَقَدْ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا أَشْهُرًا فِي مُدَّةِ الْمُسَاءَلَةِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا بِمَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْقَضَاءِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لَكِنَّهَا اسْتَحَقَّتْ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ تُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَيُؤْمَرُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يُرْجَعْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُرْجَعُ اهـ.
[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]
[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]
[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]
(بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ)
وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: فِي ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:
الْأَوَّلُ: ضَمَانُ الدَّوَابِّ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: أَصْلُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا خَالَفَ فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ الْمَحْمُولِ مِثْلَ ضَرَرِ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرَّاضِيَ بِأَكْثَرِ الضَّرَرَيْنِ يَكُونُ رَاضِيًا بِأَقَلِّهِمَا أَوْ بِمَا يُمَاثِلُهُ دَلَالَةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ ضَرَرًا فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ حَمَلَ مَكَانَ الشَّعِيرِ الْحِنْطَةَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ
1 / 12
وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِأَنْ حَمَلَ الْمُسَمَّى وَزَادَ عَلَيْهِ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فَيَقْسِمُ عَلَى قَدْرِهِمَا اهـ.
الْمَقْبُوضُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ كَالْمَقْبُوضِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي آخِرِ بَابِ إجَارَةِ الدَّوَابِّ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الدَّابَّةِ إنْ هَلَكَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ عَلَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ عَلَّلَ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ: لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَإِذَا قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ ضَمِنَ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّة الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَمَانَةٌ إجْمَاعًا اهـ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْحَمْلِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبْهَا وَلَوْ لِلرُّكُوبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا وَلَوْ حَمَّلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ بِهَلَاكِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْحَمْلِ يَقَعُ عَلَى الرُّكُوبِ يُقَالُ: حَمَّلَ فُلَانٌ دَابَّتَهُ إذَا رَكِبَهَا، فَدَخَلَ الرُّكُوبُ تَحْتَ اسْمِ الْحَمْلِ وَاسْمُ الرُّكُوبِ لَا يَقَعُ عَلَى الْحَمْلِ لَا يُقَالُ فُلَانٌ رَكِبَ دَابَّتَهُ إذَا حَمَّلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي الْعَبْدِ لَهُ ذَلِكَ وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُخْتَلِفٌ فِيهَا كَبَيْعِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ قِيلَ فِيهِ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ وَلَا تَظُنُّ أَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ بَلْ هِيَ أَصْلٌ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ الضَّمَانِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ مَنْ شَاءَ لَكِنْ إذَا رَكِبَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْكَبَ وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَكِّبَ غَيْرَهُ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا وَقَدْرًا لِحَمْلِهِ عَلَيْهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةٍ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَ مَا هُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ فِي الضَّرَرِ أَوْ أَقَلُّ كَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ مَا هُوَ أَضَرُّ كَالْمِلْحِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا سَمَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقْلُ إلَّا إذَا كَانَ حَمْلًا لَا يُطِيقُهُ مِثْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ قُلْتُ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا زَادَ الثِّقَلَ فِيمَا إذَا كَانَتْ تُطِيقُ الْحَمْلَ إذَا حَمَّلَهَا الْمُسَمَّى وَالزِّيَادَةَ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا لَوْ حَمَّلَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ثُمَّ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ وَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ لَوْ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَكَان حَمَّلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَلَوْ حَمَّلَ فِي مَكَان آخَرَ جنانكه بفترك ابرآ ويخت ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ فَسَلِمَتْ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ تَامًّا فَإِنْ عَطِبَتْ بَعْدَمَا بَلَغَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَالْأَجْرُ تَامٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
وَإِنْ كَبَحَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْحَقَائِقِ مَوْضِعُ الْخِلَافِ الضَّرْبُ فِي مَوْضِعٍ مُعْتَادٍ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا إذْ فِي غَيْرِ الْمُعْتَادِ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَلَوْ ضَرَبَهَا بِأَمْرِهِ وَفِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ بِأَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا اهـ.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى الْحِيرَةِ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْحِيرَةِ ثُمَّ نَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ قِيلَ: تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا لَا جَائِيًا أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودِعِ إذْ خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ قُلْتُ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ.
وَقِيلَ: الْجَوَابُ مُجْرَى عَلَى الْإِطْلَاقِ قُلْتُ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَهَذَا
1 / 13
أَصَحُّ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا خَالَفَ مِنْ حَيْثُ الْمُجَاوَزَةُ عَنْ الْمَكَانِ بِأَنْ يُكَارِيَ دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَجَاوَزَ ثُمَّ رَجَعَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ يَضْمَنُ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْمَالِكِ وَهُوَ قَوْلِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالْعَارِيَّةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ حَيْثُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّ الْوَدِيعَةَ مُطْلَقًا أَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا لَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ فَرْقٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَكِتَابُنَا هَذَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَرْقَ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ ضَمِنَ وَالْأَجْرُ عَلَيْهِ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَقَبَضَهُ فَأَرْسَلَهُ فِي كَرْمِهِ وَتَرَكَهُ فَسُرِقَتْ بَرْدَعَتُه وَأَصَابَ الْحِمَارَ الْبَرْدُ فَمَرِضَ وَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ إنْ كَانَ الْكَرْمُ حَصِينًا وَالْبَرْدُ بِحَالٍ لَا يَضُرُّ مَعَ الْبَرْدَعَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ فِي الْبَرْدَعَةِ وَالْحِمَارِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَضُرُّهُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْحِمَارِ دُونَ الْبَرْدَعَةِ وَإِنْ كَانَ الْكَرْمُ غَيْرَ حَصِينٍ إنْ كَانَ الْبَرْدُ بِحَالٍ يَضُرُّ بِالْحِمَارِ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَضُرُّهُ بِهِ مَعَ الْبَرْدَعَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْبَرْدَعَةِ دُونَ الْحِمَارِ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْحِمَارِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ إلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ لِلْحِمَارِ حِينَ أَرْسَلَهُ فِي الْكَرْمِ فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ قَالَ ﵀: ذَكَرَ الْحَصِينَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فِي النَّوَازِلِ فَعَرَضْت عَلَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فَقَالَ إنَّهُ يَكُونُ لَهُ حِيطَانٌ وَبَابٌ مُغْلَقٌ فَإِنْ عَدِمَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ غَيْرُ حَصِينٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَائِطِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا بِحَيْثُ لَا يَقَعُ بَصَرُ الْمَارِّ عَلَى مَا فِي الْكَرْمِ اهـ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا كَيْلًا مَعْلُومًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا قَدْرَهُ بُرًّا ضَمِنَ وَإِنْ نِصْفُهُ بُرًّا قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَضْمَنُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ زَادَ وَبَلَغَ الْمَكَانَ ثُمَّ هَلَكَ ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَوْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ شَرَطَ بُرًّا فَحَمَلَ قَدْرَهُ شَعِيرًا فَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا لِأَنَّهُ أَخَفُّ فَإِنْ سَلِمَتْ لَزِمَ الْمُسَمَّى وَإِنْ عَطِبَتْ فَالْقِيمَةُ وَالْأَجْرُ وَإِنْ شَرَطَ شَعِيرًا فَحَمَّلَ قَدْرَهُ بُرًّا ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَثْقَلُ كَالْحَدِيدِ مَكَانَ الْبُرِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة.
وَمَنْ اكْتَرَى حِمَارًا بِسَرْجٍ فَنَزَعَ السَّرْجَ وَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ يُسْرَجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا فِي الْوَزْنِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا زَادَ الثِّقَلَ وَإِنْ أَوْكَفَهُ بِإِكَافٍ يُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْرَ مَا زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَإِنْ كَانَ لَا يُوكَفُ أَصْلًا أَوْ لَا تُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا مِنْ الْحَقَائِقِ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِغَيْرِ لِجَامٍ أَوْ كَانَتْ مُلَجَّمَةً فَنَزَعَهُ وَأَبْدَلَهُ بِلِجَامٍ يُلْجَمُ بِهِ مِثْلُهَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَلْجَمَ بِلِجَامٍ لَا يُلْجَمُ بِهِ مِثْلُهَا ضَمِنَ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مِصْرٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَحَمَّلَ مَا يَحْمِلُ النَّاسُ أَيْ الْمُعْتَادُ فَنَفَقَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً مِنْ الْهِدَايَةِ.
لَوْ أَرْدَفَ الْمُسْتَأْجِرُ خَلْفَهُ آخَرَ بِغَيْرِ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إنْ عَطِبَتْ بَعْدَ بُلُوغِ مَقْصِدِهِ وَلَوْ
1 / 14
أَرْدَفَ اثْنَيْنِ ضَمِنَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَقِسْ عَلَى هَذَا مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ وَلَا اعْتِبَارَ بِثِقَلِ الرَّدِيفِ وَخِفَّتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَعْقِرُ بِحَمْلِ الرَّاكِبِ الْخَفِيفِ لِجَهْلِهِ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَيَخِفُّ عَلَيْهَا رُكُوبُ الثَّقِيلِ لِعِلْمِهِ بِهَا وَهَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الرَّدِيفِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ثُمَّ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّدِيفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّدِيفُ مُسْتَمْسِكًا بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ فَهُوَ كَالْحَمْلِ يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ وَفِي ذِكْرِ الرَّدِيفِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا حَمَلَهُ الرَّاكِبُ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا؛ لِأَنَّ ثِقَلَ الرَّاكِبِ مَعَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَجْتَمِعَانِ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ اهـ.
إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَقَدْ لَبِسَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ اسْتَأْجَرَ إنْ لَبِسَ مِثْلَ مَا يَلْبَسُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَبِسَ مَا لَيْسَ يَلْبَسُ النَّاسُ يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
اكْتَرَى دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا الرَّاحِلَةَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الرَّاحِلَةَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَعَ نَفْسِهِ شَيْئًا آخَرَ ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ بِالْهَلَاكِ لَوْ رَكِبَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُوزَنَ الرَّجُلُ وَالْحِمْلُ لِيُعْرَفَ الزِّيَادَةُ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُوزَنُ بِالْقَبَّانِ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُرْجَعَ إلَى أَهْلِ الْبَصِيرَةِ إنَّ هَذَا الْحِمْلَ مَا يَزِيدُ عَلَى رُكُوبِهِ فِي الثِّقَلِ وَلَوْ رَكِبَ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ إذْ ثِقَلُ الرَّاكِبِ مَعَ ثِقَلِ الْحَمْلِ اجْتَمَعَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فَيَكُونُ أَدَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ هَذَا لَوْ تُطِيقُ الْحَمْلَ مَعَ الرُّكُوبِ أَمَّا لَوْ لَمْ تُطِقْ يَجِبْ كُلُّ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا صَبِيًّا صَغِيرًا فَعَثَرَتْ بِهِ ضَمِنَ إذْ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ كَالْحَمْلِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الرُّكُوبِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا فَزَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَسَلِمَتْ إلَى الْمَقْصِدِ فَلَمَّا وَضَعَ الْحِمْلَ جَاءَ بِهَا سَالِمَةً فَضَاعَتْ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ ضَمِنَ مِنْ قِيمَتِهَا قَدْرَ الزِّيَادَةِ إذْ غَصَبَ مِنْهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ الشَّعِيرِ فَحَمَّلَ ذَلِكَ الْقَدْرَ حِنْطَةً يَضْمَنُ وَفِي عَكْسِهِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ مِائَةً مِنْ الْقُطْنِ فَحَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا أَوْ أَقَلَّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْحَدِيدِ أَدَقُّ لِلدَّابَّةِ فَيَكُونُ أَضَرَّ بِهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَجَعَلَ فِي جَوَالِقَ عِشْرِينَ وَأَمَرَ رَبَّ الدَّابَّةِ بِالْوَضْعِ فَوَضَعَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي وَلَوْ حَمَلَاهُ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ رُبْعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي جَوَالِيقَ فَحَمَلَ كُلَّ وَاحِدٍ جُوَالِقًا لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجَرُ شَيْئًا لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْمُسْتَأْجِرَ حَامِلًا لِلْعُشْرِ الْمَأْذُونِ فِيهَا حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى الصَّلَاحِ وَفِي الْأَوَّلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ عَمَّا لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ فَقَدْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَشْرَةً نِصْفُهَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَنِصْفُهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ نِصْفِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَادَّعَى أَنَّ الدَّابَّةَ لَهُ يَصِيرُ هُنَا غَاصِبًا حَتَّى لَوْ عَطِبَتْ بَعْدَ الْجُحُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَإِنْ جَحَدَ ثُمَّ رَكِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ فَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَجْرِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِهِ.
1 / 15
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ حِنْطَةِ رَجُلٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا فَحَمَلَ فِي أَحَدِ الْجُوَالِقَيْنِ شَعِيرًا وَفِي الْآخَرِ حِنْطَةً فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْآجِرِ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ مُخَالِفٌ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَجَاءَ بِهَا سَلِيمَةً فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا إنْ كَانَتْ تُطِيقُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَكَمَالُ الْأَجْرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ.
نَزَلَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الدَّابَّةِ فِي سِكَّةٍ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّي وَخَلَّى عَنْهَا فَضَاعَتْ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا وَإِنْ رَبَطَهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ غَيَّبَهَا عَنْ نَظَرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ رَبَطَهَا بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيُشَيِّعَ فُلَانًا فَحَبَسَهَا مِنْ الْغَدْوَةِ إلَى انْتِصَافِ النَّهَارِ ثُمَّ بَدَا لِفُلَانٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَرَدَّ الدَّابَّةَ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ إنْ كَانَ حَبَسَهَا قَدْرَ مَا كَانَ يَحْبِسُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَبَسَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مخاتيم فَحَمَلَ أَحَدَ عَشَرَ إنْ حَمَلَ عَلَيْهَا دُفْعَةً عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَ الْعَشَرَةَ بِلَا إعَانَةِ الْمُؤَجِّرِ وَالدَّابَّةُ تُطِيقُ الزَّائِدَ فَبَلَغَتْ الْمَكَانَ الْمَشْرُوطَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ وَعَطِبَتْ فَلَا أَجْرَ وَإِنْ لَا تُطِقْ فَكُلُّ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ وَأَنَّ بِإِعَانَةِ الْمُؤَجِّرِ مَضَى حُكْمُهُ وَإِنْ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَ الْعَشَرَةَ بِأَنْ عَلَّقَهُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُعَرَّى مِنْ السَّرْجِ يَعْنِي بفترك ابرآ ويخت يَضْمَنُ الزَّائِدَ مُطْلَقًا وَإِنْ حَمَلَ الْعَشَرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ حَمَلَ الزَّائِدَ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ كَسَّ إلَى بُخَارَى فَعَجَزَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ وَمَالِكُهُ كَانَ بِبُخَارَى فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلًا لِيُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا وَسَمَّى لَهُ الْأَجْرَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِكِهِ فَأَمْسَكَ الْأَجِيرُ الْحِمَارَ أَيَّامًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ أَكْرَاهُ لِرُكُوبِ نَفْسِهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَكْرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبُ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَوْ أَكْرَاهُ لِرُكُوبِ نَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَلَا أَنْ يُؤَجِّرَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِيدَاعُ أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبُ كَانَ لَهُ الْإِعَارَةُ وَالْإِجَارَةُ فَلَهُ الْإِيدَاعُ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بُخَارَى فَعَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ مَعَ الْحِمَارِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَمَرِضَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَ الْحِمَارَ وَالْمَتَاعَ فَذَهَبَ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا عَمِيَ الْحِمَارُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَبَاعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَلَكَ ثَمَنُهُ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْبَيْعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الْحِمَارِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى ضَمِنَ قِيمَتَهُ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَحَمَلَ عَلَيْهِ وَلَهُ حِمَارٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ سَقَطَ حِمَارُهُ فَاشْتَغَلَ بِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ الْمُسْتَأْجَرُ وَهَلَكَ فَلَوْ كَانَ بِحَالِ لَوْ اتَّبَعَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ يَهْلَكُ حِمَارُهُ أَوْ مَتَاعُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ حِمَارَيْنِ فَاشْتَغَلَ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ الْآخَرُ لَوْ غَابَ عَنْ نَظَرِهِ ثُمَّ هَلَكَ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ.
لَوْ أَدْخَلَ الْحِمَارَ فِي سِكَّةٍ فِيهَا نَهْرٌ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَ مَعَ الْحِمْلِ فِي النَّهْرِ فَاشْتَغَلَ بِقَطْعِ الْحَبْلِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ إنْ كَانَ الْمَكَانُ
1 / 16
ضَيِّقًا لَا يَسَعُ فِيهِ ذَلِكَ الْحِمْلَ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ الْحِمَارُ عَلَى مُجَاوَزَتِهِ مَعَ ذَلِكَ الْحِمْلِ فَإِنْ عَنَّفَ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَثَبَ مِنْ ضَرْبِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ عَلَيْهِ الْحَطَبَ فَأَوْقَرَهُ بِمَا يُوقَرُ بِهِ مِثْلُهُ فَأَصَابَ الْحِمَارُ حَائِطًا أَوْ نَحْوَهُ فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاقَهُ سَوْقًا مُعْتَادًا فِي طَرِيقٍ يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلَمْ يُعَنِّفْ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ لَا يَضْمَنُهُ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَتَرَكَهُ عَلَى بَابِ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْهُ إنْ كَانَ الْحِمَارُ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ حِينَ دَخَلَ الْمَنْزِلَ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الذَّهَابِ تَضْيِيعًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ يَكُونُ فِي الْقُرَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ ثُمَّ دَخَلَ دَارِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَجِدْهُ ضَمِنَ إنْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ حِينَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ.
أَوْقَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحِمَارَ لِيُصَلِّيَ الْفَجْرَ فَذَهَبَ أَوْ انْتَهَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ رَآهُ يُنْتَهَبُ أَوْ يَذْهَبُ وَلَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ ضَمِنَ لِتَرْكِهِ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ إذْ خَوْفُ ذَهَابِ الْمَالِ يُبِيحُ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا وَلَوْ كَانَ فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ حَدِيثٍ مَعَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ إنْ تَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ وَضَاعَ ضَمِنَ مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ رَبَطَهُ فِي سَارِيَةٍ فِي الْبَلَدِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ وَلَا لِقَرِيبِهِ وَثَمَّةَ أَقْوَامٌ نِيَامٌ لَيْسُوا فِي عِيَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا مِنْ أُجَرَائِهِ قَالُوا: لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَحْفَظَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّكُوبَ بِنَفْسِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ نَوْمُ الْحَافِظِ تَضْيِيعًا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ شَرَطَ رُكُوبَهُ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُودِعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَهُ الْإِيدَاعُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْفِظْ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِثْلُهُ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحْفَظَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ لِمَا مَرَّ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَلَّ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ إنْ كَانَ ذَهَبَ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ وَطَلَبَهُ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الطَّلَبِ إنْ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهُ فِي حَوَالَيْ الْمَكَانِ الَّذِي ضَلَّ فِيهِ فَإِنْ ذَهَبَ وَهُوَ يَرَاهُ حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ بِهِ إلَى الْخَبَّازِ وَاشْتَغَلَ بِشِرَاءِ الْخُبْزِ فَضَاعَ لَوْ غَابَ عَنْ بَصَرِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّة التَّقْيِيدُ بِالْبَصَرِ فِي النَّهَارِ وَاللَّيْلِ سَوَاءٌ إذْ يُرَى فِي النَّهَارِ مِنْ بُعْدٍ وَفِي اللَّيْلِ لَا وَفِي السَّفَرِ لَا ضَمَانَ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِيهَا مِنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَنَزَلَ فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ وَاخْتَفَى عَنْهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَرْبِطْهَا فَإِنْ رَبَطَهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ يَضْمَنُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَزَلَ لِلصَّلَاةِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ لَا يَضْمَنُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ لَا يُغَيِّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ لِأَنَّهُ إذَا غَيَّبَهَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْحِفْظِ وَإِنْ رَبَطَهَا وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْآجِرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ عَارِيَّةٍ الْوَجِيزُ.
رَجُلٌ أَجَّرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْهَا سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ وَرَكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَسُرِقَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْأَجْرَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ
1 / 17
كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى بَغْدَادَ فَبَدَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَهَذَا عُذْرٌ يَعْنِي فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا لَوْ بَدَا لَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنْ طَلَب مِنْهُ الْآجِرُ نِصْفَ الْأَجْرِ إنْ كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ الطَّرِيقِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا يَقْدِرُ بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهُ يَدْفَعُ الدَّابَّةَ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ وَرَكِبَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَهَلَكَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهُ هَلْ يَضْمَنُ بِالرُّكُوبِ؟ قَدْ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الدَّوَابِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ فَذَهَبَ الْمَالِكُ إلَى مِصْرٍ آخَرَ فَأَخْرَجَهَا الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا بِالْإِخْرَاجِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ سَلِمَتْ أَوْ هَلَكَتْ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
الْمُسْتَأْجِرُ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا يَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَ يَسُوقُهَا لِيَرُدَّهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ صَاحِبَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَاقَهَا إلَيْهِ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ إذْ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ فِيهِ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ وَكَانَ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا رَجَعَ كَانَ يَرْكَبُهَا فَعَطِبَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الرُّكُوبِ فَكَانَ غَاصِبًا فِي الرُّكُوبِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْإِفْصَاحِ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ وَسَارَ بِهِ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِحَاجَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ أَوْ لِحَدِيثٍ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ الْحِمَارُ وَلَمْ يَتَوَارَ عَنْهُ فَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَوَارَى عَنْهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ فَذَهَبَ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ وَذَهَبُوا بِالْحِمَارِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مِنْ الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
زَرْعٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ حَصَدُوهُ فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمْ حِمَارًا لِيَنْقُلَ الْحَصَائِدَ فَدَفَعَهُ إلَى شَرِيكِهِ لِيَنْقُلَهَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ وَكَانَ الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ أَحَدُهُمْ وَيَسْتَعْمِلَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّهُ كَمُعِيرٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ وَحَمْلُ الْحَصَائِدِ مِمَّا لَا يُتَفَاوَتُ فِيهِ كَذَا فِي ضَمَانِ الْمُكَارِي مِنْ الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ عَلَى هَذَا يُرِيدُ قَوْلَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ إلَخْ قَوْلِهِ وَكَانَ الْعُرْفُ بَيْنَهُمْ كَذَا إلَى آخِرِهِ مُسْتَدْرَكٌ لَا حَاجَةٍ إلَيْهِ اهـ قُلْتُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ.
الْقَرَوِيُّ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ بُرًّا إلَى الْمَدِينَةِ فَفَعَلَ فَوَضَعَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ قَفِيزَ مِلْحٍ بِلَا إذْنٍ فَمَرِضَ فَمَاتَ ضَمِنَ لِغَصْبِهِ وَلَا أَجْرَ إذْ لَا يَجْتَمِعَانِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: إذَا كَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ مُتَعَارَفًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَهُ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ اثْنَيْ عَشَرَ وِقْرًا مِنْ التُّرَابِ إلَى أَرْضِهِ بِدِرْهَمٍ وَلَهُ فِي أَرْضِهِ لَبِنٌ
1 / 18
فَكُلَّمَا عَادَ مِنْ أَرْضِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ وِقْرًا مِنْ لَبِنٍ فَإِنْ هَلَكَ الْحِمَارُ فِي الرُّجُوعِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِمَارِ دُونَ الْأَجْرِ فَإِنْ سَلِمَ الْحِمَارُ حَتَّى تَمَّ الْعَمَلُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَمَامُ الدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ وُقْرٍ مِنْ التُّرَابِ نِصْفُ دَانَقٍ كَمَا إذَا اسْتَكْرَى دَابَّةً لِمَسِيرِ فَرْسَخٍ فَسَارَ سَبْعَةَ فَرَاسِخَ فَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ مِقْدَارُ مَا شُرِطَ وَفِيمَا زَادَ هُوَ غَاصِبٌ اهـ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَنْقُلَ مِنْ خَرِبَةٍ تُرَابًا فَانْهَدَمَتْ الْخَرِبَةُ فَهَلَكَ الْحِمَارُ فَلَوْ انْهَدَمَتْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ لِصُنْعِهِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ لِرَخَاوَةٍ فِيهَا لَا لِفِعْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَوْقَفَ الْحِمَارَ عَلَى وَهْيِ الْخَرِبَةِ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَبْعَثَ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى السَّرْحِ فَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ وَقِيلَ: لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْبَعْثِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَقِيلَ: إنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُعِيرَ وَيُودِعَ، وَالْبَعْثُ إلَى السَّرْحِ إيدَاعٌ فَيَمْلِكُهُ قُلْتُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْعَارِيَّةِ: الْمُسْتَأْجِرُ يُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ وَيُودِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْهَنَ اهـ.
اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ حِمَارَهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ إلَى أَنْ يُوفِيَ دَيْنَهُ فَبَعَثَهُ الْمُقْرِضُ إلَى السَّرْحِ فَعَقَرَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ الْمُقْرِضُ إذْ الْمُقْرِضُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً فَلَا يَمْلِكُ بَعْثَهُ إلَى السَّرْحِ.
أَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ تَرَكَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إذْ الرَّدُّ يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَيَغْرَمُ بِالتَّرْكِ وَكَذَا تَرْكُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ، وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ تَضْيِيعٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ التَّجْرِيدِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الَّذِي أَجَّرَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ أَمْسَكَهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ هَذَا كَعَارِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَجْنَاسِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ شَيْءٍ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ كَرَحَى الْيَدِ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ أَجْرُ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ أَخْذُهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَالثِّيَابِ وَالدَّابَّةِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ اهـ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مُدَّةً فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمْسَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَجِيء صَاحِبُهَا لِيَأْخُذَهَا حَتَّى نَفَقَتْ عِنْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّدُّ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ سَاقَهَا لِلرَّدِّ إلَى مَالِكِهَا فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْبَزَّازِيَّة.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ مَكَانٍ مِنْ الْمِصْرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ فِيهِ فَلَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ: ارْكَبْ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ وَارْجِعْ إلَى بَيْتِي فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَى بَيْتِ الْمُؤَجِّرِ وَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ.
لَوْ عَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَأَخَذَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ يُسَاوِيهِ فِي الْأَمْنِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يساوه فِي الْأَمْنِ ضَمِنَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ بَيَّنَ لَهُ طَرِيقًا فَأَخَذَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَ يَسْلُكُهُ النَّاسُ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَا فِي السُّلُوكِ سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدَ بِحَيْثُ يَتَفَاوَتُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ ضَمِنَ وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَإِذَا بَلَغَ يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ اهـ، وَلَوْ عَيَّنَ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ بِلَا رُفْقَةٍ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ: ارْجِعْ مَعَ الْعِيرِ فَرَجَعَ مَعَ عِيرٍ آخَرَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يُعَيِّنْ عِيرًا وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ رُفْقَةً فَذَهَبَ بِلَا رُفْقَةٍ أَوْ مَعَ رُفْقَةٍ أُخْرَى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ.
1 / 19
اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ عَلَيْهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ بُرٍّ فَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ مَخْتُومًا وَتَلِفَ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْرُبَ عَلَيْهِ جَرِيبًا فَكَرَبَ جَرِيبًا وَنِصْفًا فَهَلَكَ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ إذْ الطَّحْنُ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشَرَةً انْتَهَى الْعَقْدُ فَهُوَ فِي طَحْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ مُخَالِفٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُ كُلَّهَا.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ بُرٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا مِثْلَ وَزْنِ الْبُرِّ ضَمِنَ إذْ الشَّعِيرُ بِمِثْلِ وَزْنِ الْبُرِّ يَكُونُ أَكْثَرَ كَيْلًا مِنْ الْبُرِّ فَيَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْبُرِّ فَيَكُونُ مُخَالِفًا صُورَةً وَمَعْنًى وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ شَعِيرٍ فَحَمَلَ بُرًّا بِمِثْلِ وَزْنِ الشَّعِيرِ لَا يَضْمَنُ.
اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ لَبِنًا أَوْ حَدِيدًا بِمِثْلِ وَزْنِهِ ضَمِنَ إذْ الْحَدِيدُ وَاللَّبِنُ أَدَقُّ لِظَهْرِ الدَّابَّةِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ قُطْنًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْوَزْنِ ضَمِنَ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِهَا مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَمْلِ فَيَكُونُ أَشَقَّ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَوْ حَمَلَ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ نَحْوِهِ أَقَلَّ وَزْنًا مِنْ بُرٍّ مُسَمًّى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لَوْ تَفَاوَتَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَطَ مِنْ الْبُرِّ مَثَلًا مِائَةَ رِطْلٍ وَحَمَلَ مِنْ الْحَطَبِ وَنَحْوِهِ خَمْسِينَ فَلَوْ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ لَا يَبْعُدُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الضَّرَرُ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ تِبْنًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ حَطَبًا فَحَمَلَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا بِمِثْلِ وَزْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَضْمَنُ إذْ ضَرَرُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ دُونَ ضَرَرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى مَسْأَلَةِ الْخُلَاصَةِ.
اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إنْسَانًا فَحَمَلَ امْرَأَةً لَا ثَقِيلَةً لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ ثَقِيلَةً بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهَا الدَّابَّةُ فَيَضْمَنُ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَطْحَنُ عَلَيْهَا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشْرَةٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَطْحَنُ كُلَّ يَوْمٍ يَجُوزُ وَإِنْ طَحَنَ مَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُرْفِ يَضْمَنُ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِإِكَافٍ فَأَسْرَجَهَا لَا يَضْمَنُ اكْتَرَى عُرْيَانًا فَأَسْرَجَهُ فَرَكِبَهُ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُرْكَبُ إلَّا بِسَرْجٍ كَالْفَرَسِ فَأَسْرَجَهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِيَرْكَبَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَأَسْرَجَهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْأَشْرَافِ أَوْ مِنْ الْأَوْسَاطِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَسَافِلِ يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِإِكَافٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ مِثْلِهِ أَوْ أَسْرَجَهَا مَكَانَ الْإِكَافِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِسَرْجٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ يُوكَفُ مِثْلُهُ أَوْ بِسَرْجٍ لَا يُسْرَجُ مِثْلُهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَةِ الدَّابَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا عُرْيَانَةً فَأَسْرَجَهَا وَرَكِبَهَا ضَمِنَ قَالَ مَشَايِخُنَا: إنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ عُرْيَانًا فَكَمَا قُلْنَا: إنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَسَلَّمَهَا عُرْيَانَةً فَرَكِبَهَا بِهَذَا وَبِهَذَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُرْكَبُ بِسَرْجٍ ضَمِنَ إذَا رَكِبَهَا بِإِكَافٍ وَإِنْ كَانَ يُرْكَبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِهَذَا وَبِهَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُهُ إذَا رَكِبَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ.
اسْتَكْرَى إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَى كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةَ رَطْلٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ أَتَى الْجَمَّالَ بِإِبِلِهِ فَأَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ حِمْلٍ إلَّا مِائَةُ رَطْلٍ فَحَمَلَ الْجَمَّالُ وَهَلَكَ بَعْضُ إبِلِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَكْرِي إذْ مَالِكُ الْإِبِلِ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ فَيُقَالُ لَهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَزِنَ أَوَّلًا.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ لَوْ هَلَكَتْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا فِي ضَمَانِ الْمُكَارِي نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ
1 / 20
اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ فَهَلَكَتْ فَلَوْ أَمْسَكَهَا قَدْرَ مَا يَمْسِكُ النَّاسُ لِيُهَيِّئُوا أُمُورَهُمْ لَا يَضْمَنُ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ أَمْسَكَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ قُلْتُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْإِمْسَاكُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ فَإِذَا دَخَلَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ اسْتِحْسَانًا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَضْمَنُ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ إنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَيَّامًا مَعْلُومَةً لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَمْسَكَهَا فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يَجِيء صَاحِبُهَا يَأْخُذُهَا فَنَفَقَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْأَجِيرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى مَوْضِعٍ يَذْهَبُ عَلَيْهَا وَيَجِيءُ فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ فَإِنْ ذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَنَفَقَتْ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: ارْجِعْ بِهَا إلَى مَنْزِلِي لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بَلْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ وَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَقْبِضُهَا انْتَهَى.
غُصِبَ الْحِمَارُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْهُ بَعْدَ التَّبْيِينِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا وَذَهَبَ بِهِ مَعَ حِمَارِهِ إلَى الْبَلَدِ فَأَخَذَ الْعَوَانُ حِمَارَهُ الْمَمْلُوكَ فَاشْتَغَلَ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ يَدِهِ وَتَرَكَ الْمُسْتَأْجَرَ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْعَوَانَ وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَفِي الْمُحِيطِ يَضْمَنُ.
اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ كَذَا مَنًّا وَيَرْكَبَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ وَهُوَ يُطِيقُهُمَا فَعَطِبَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ تَرَكَ عَلْفَ الدَّابَّةِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ عَلْفَهَا عَلَى مَالِكِهَا دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ لَوْ رَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ إلَى دَارِ مَالِكِهِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ هَذِهِ فِي عَارِيَّةِ الْمَجْمَعِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّة اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا وَرَبَطَهَا فِي مَرْبِطِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا ضَاعَتْ وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ إذَا رُدَّتْ إلَى صَاحِبِهَا يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلُ إنْ فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ أَدْخَلَهَا وَلَمْ يَرْبِطْ وَلَمْ يُغْلِقْ وَضَاعَ يَضْمَنُ اهـ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَقَبَضَهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّاكِبَ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيُعِيرَهَا وَيُودِعَهَا مِنْ قَاضِي خَانْ.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَّةَ فَأَمْسَكَهَا بِالْكُوفَةِ حَتَّى رَجَعَ ضَمِنَ لَوْ هَلَكَتْ وَلَا أَجْرَ مِنْ إجَارَةِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ الْوَجِيزِ.
اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى قَرْيَةٍ ذَاهِبًا وَجَائِيًا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي يَوْمِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيهِ وَرَجَعَ مِنْ الْغَدِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ لَا لِلرُّجُوعِ إذْ خَالَفَ فِيهِ فَيَضْمَنُ لَوْ تَلِفَ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ ضَمَانِ الْمُكَارِي.
الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ مُجْهِلًا كَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مِنْ الْبَزَّازِيَّة وَفِيهَا أَجْرُهَا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ الْآجِرُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَبْسَ لِاسْتِيفَاءِ الْمُعَجَّلَةِ أَجْرَ دَارِهِ أَوْ عَبْدَهُ بِدَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى الْآجِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ فَسَخَا الْإِجَارَةَ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ حَبْسَ الْعَيْنِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَتَفَاسَخَا ثُمَّ أَرَادَ حَبْسَ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ شَرْطُ الضَّمَانِ إنْ هَلَكَ عَلَى
1 / 21