170

Majmaʿ al-Anhur fī Sharḥ Multaqā al-Abḥur

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر

Publisher

المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1328 AH

Publisher Location

تركيا وبيروت

أَدْرَكَهُ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ جُمُعَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ نَوَى الْجُمُعَةَ لَا إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْهَا وَظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَقْضِيهِ فَبِاعْتِبَارِ الْجُمُعَةِ تُفْتَرَضُ الْقَعْدَةُ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ وَالْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ وَبِاعْتِبَارِ الظُّهْرِ لَا تُفْتَرَضُ فَوَجَبَتْ الْقَعْدَةُ وَالْقِرَاءَةُ فِي الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَلِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ قُعُودًا صَلَّى أَرْبَعًا» وَلَهُمَا قَوْلُهُ ﵊ «مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ» وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَعْدَةِ فِيمَا رَوَاهُ قُعُودٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قُعُودًا فِي الصَّلَاةِ؛ وَالْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَبْنِي أَحَدُهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْآخَرِ.
(وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ (فَلَا صَلَاةَ) فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ وَلَا يَقْطَعُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيِّ.
(وَلَا كَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا يُبَاحُ الْكَلَامُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْإِخْلَالِ بِفَرْضِ الِاسْتِمَاعِ وَلَا اسْتِمَاعَ هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَمْتَدُّ فَتُفْضِي إلَى الْإِخْلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْكَلَامِ إذَا نَزَلَ حَتَّى يُكَبِّرَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﵊ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي الْخُطْبَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَكَانَ إحْرَازًا بِفَضِيلَتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَيَجِبُ السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ) وَالْوَاقِعِ عَقِيبَ الزَّوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] وَقِيلَ بِالْأَذَانِ الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُخْتَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْأَذَانَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَفُوتُهُ أَدَاءُ السُّنَّةِ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ إذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا مِنْ الْجَامِعِ.
(فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أُذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَانِيًا) وَبِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ (وَاسْتَقْبَلُوهُ مُسْتَمِعِينَ) مُنْصِتِينَ سَوَاءٌ كَانُوا قَرِيبِينَ أَوْ بَعِيدِينَ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُشَمِّتُونَ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّونَ سَلَامًا وَلَا يَقْرَءُونَ قُرْآنًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّونَ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا دَامَ الْخَطِيبُ فِي حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْمَوَاعِظِ فَعَلَيْهِمْ الِاسْتِمَاعُ فَإِذَا أَخَذَ فِي مَدْحِ الظَّلَمَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ.
(فَإِذَا أَتَمَّ) الْخَطِيبُ (الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ) وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ

1 / 171