The Confluence of Rivers in the Explanation of the Meeting of the Seas
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر
Publisher
المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1328 AH
Publisher Location
تركيا وبيروت
Genres
Hanafi Fiqh
[بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْفَرَائِضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِيمَا يَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ وَهُوَ الْوِتْرُ ثُمَّ فِيمَا يَلِيهِ وَهُوَ النَّفَلُ وَالْوِتْرُ بِالْكَسْرِ الْفَرْدُ وَبِالْفَتْحِ الْعَدَدُ وَيُقَالُ الْكَسْرُ لُغَةُ الْحِجَازِ وَالْفَتْحُ لُغَةُ غَيْرِهِمْ وَالنَّافِلَةُ عَطِيَّةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ لَا يَجِبُ وَمِنْهُ نَافِلَةُ الصَّلَاةِ (الْوِتْرُ وَاجِبٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ آخِرُ أَقْوَالِهِ لِقَوْلِهِ ﵊ «أَنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ فَأَدُّوهَا بَيْنَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ» وَالزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ جِنْسِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ بِالْأَدَاءِ دَلِيلُ الْوُجُوبِ إلَّا أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَفْدِ الْفَرْضِيَّةَ عَلَى مَا وَجَبَ الْعَمَلُ فَلِهَذَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَإِنَّمَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ أَيْ لَا يُنْسَبُ إلَى الْكُفْرِ لِأَنَّهُ أَدْوَنُ دَرَجَةً مِنْ الْفَرِيضَةِ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ هُوَ وَالْأَصَحُّ.
وَفِي النِّهَايَةِ لَيْسَ فِي الْوِتْرِ رِوَايَةٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي الظَّاهِرِ وَذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ أَيْ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ فَرْضٌ وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ.
وَفِي التُّحْفَةِ ثُمَّ رَجَعَ، وَوَاجِبٌ، وَسُنَّةٌ وَوَفَّقَ الْمَشَايِخُ بَيْنَهَا بِمَا هُوَ فَرْضٌ عَمَلًا وَوَاجِبٌ اعْتِقَادًا وَسُنَّةٌ ثُبُوتًا (وَقَالَا سُنَّةٌ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] وَالْوُسْطَى هُوَ الْفَرْضُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْوِتْرُ فَرْضًا لَكَانَتْ الْفَرَائِضُ سِتًّا وَالسِّتُّ لَا وُسْطَى لَهَا وَلِقَوْلِهِ ﵊ «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ وَهِيَ لَكُمْ سُنَّةُ الْوِتْرِ وَالضُّحَى وَالْأَضْحَى» كَمَا فِي التَّسْهِيلِ لَكِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ لَا عَلَى عَدَمِ الْوَاجِبِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ بِهَا (وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ» رَوَاهُ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَدْنَاهَا رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَكْثَرُهَا إحْدَى عَشْرَ أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَأَدْنَى الْكَمَالِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَاحِدَةٌ بَعْدَ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَثَانِيَةٌ بَعْدَ الثَّالِثَةِ.
(يَقْرَأُ) الْمُصَلِّي (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَتْرِ (الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً) بِلَا تَعْيِينٍ.
وَفِي الْكَرْمَانِيِّ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]، وَفِي الثَّانِيَةِ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١]، وَفِي الثَّالِثَةِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١]» .
وَفِي التَّجْنِيسِ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.
(وَيَقْنُتُ فِي ثَالِثَتِهِ دَائِمًا) فِي كُلِّ السُّنَّةِ هَذَا احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَلَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ قَنَتَ فِي آخِرِ الْوِتْرِ» وَهُوَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ قَنَتَ فِي آخِرِ الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ» وَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ شَيْءٍ أَخَّرَهُ (بَعْدَمَا كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ) يَعْنِي إذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ رَافِعًا يَدَيْهِ ثُمَّ يَقْرَأُ دُعَاءَ الْقُنُوتِ وَالْقُنُوتُ عِنْدَنَا اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنَسْتَهْدِيك
1 / 128