129
الجوامع الأصح أنه يمتنع الرخص في المذاهب أي بأن يأخذ من كل منها ما هو إلا هون فيما يقع من المسائل ونقل العلامة الشطي عن حاشية الخلوتي على المنتهى وعن الشيخ عثمان النجدي الحنبلي وعن العلامة السفاريني الحنبلي أنهم نصوا على المنع من التلفيق وذكراي العلامة الشطي ﵀ أن كتب الحنابلة تفيد جواز التقليد ما لم يتبع الرخص ونقل العلامة صاحب الوسم عن الإمام أحمد ﵀ أنه قال إذا تجدوا لي نصًا في مسئلة فأقول بمذهب ابن أدريس فما تقدم من نصوص المحققين في الأصول والفروع يفيد عدم جواز التلفيق حتى عند الإمام أحمد فإن الحنابلة لم يجوزوا التقليد إذا أدى إلى تتبع الرخص فالتلفيق إن لم يكن أولى بالمنع من تتبع الرخص فليكن نظيره إذ متتبع الرخص يأخذ من كل مذهب بالسهل لكنه يراعي ما لابد عنه من يقلد والملفق يفعل ذلك ولا يراعي ما لابد منه فنصهم على عدم جواز التقليد إذا أدى إلى تتبع الرخص برهان قاطع على عدم جواز التلفيق.
ولاشك أن ما حكاه ابن حجر والسبكي من حرمة التلفيق جار على قواعد الإمام الشافعي ومذهبه فإذا فرض أن الإمام أحمد لم ينص على حرمة التلفيق فليكن هذا قولًا له أخذا مما نقله عنه العلامة صاحب الوسم ومن لم يقبل بذلك فلا أقل من توقفه حتى يطلع على نص معتمد سالم من الطعن وافي به وفيما نقله المحقق ابن عابدين عن ابن الحاجب والآمدي وغيرهم من عدم جواز التقليد بعد العمل دليل واضح على عدم جواز التلفيق بعد العمل سواء بقى على عمومه أو خص بما إذا ترتب عليه التلفيق، وبقي ما إذا كان التلفيق قبل العمل فهذا وإن لم ينص هؤلاء على منعه يؤخذ من تعليل الكثيرين امتناع تتبع الرخص بأنه يؤدي إلى انحلال ربقة التكليف إذا التلفيق يؤدي إلى ذلك بل العلة المذكورة فيه أظهر على ما بيناه لك آنفًا.
وكيف يليق التلفيق بهذه الشريعة الحنيفية السمحة وهو أمر لا تضبط معه الحكام ولا يتميز به الحلال من الحرام بل هو الضربة القاضية على قواعد الشرع الشريف ونظام الاجتماع وأحقاق الحق الذي جاء به الدين الإسلامي وخطره على الدين والملة لا ينكر ولو فتح هذا الباب لأفسد شأن الأمة والقول بأنه يلزم من عدم جواز التلفيق إلزام العامي بمذهب معين وتكليفه بما فيه حرج عليه لا يظهر له وجه إذا لزام العامي بمذهب هو أن يلتزمه في جميع

6 / 7