281

Al-Majālis al-waʿẓiyya fī sharḥ aḥādīth khayr al-bariyya ṣallā Allāh ʿalayhi wa-sallam min Ṣaḥīḥ al-Imām al-Bukhārī

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

Editor

أحمد فتحي عبد الرحمن

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

Ḥadīth
فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا؟ [الأنبياء: ٦٢، ٦٣] فإنه غضب من أن تعبدوا معه هذه الأصنام الصغار، وهو أكبر منها فكسرهم؟فَاسْأَلُوَهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ؟ [الأنبياء: ٦٣] .
قال النبي ﷺ «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات في قوله إنه سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم، وقوله: عن سارة زوجته هي أختي» (١) .
قال العلماء: ما قاله السيد إبراهيم في هذه الثلاث يشبه الكذب وليس كذبًا في الحقيقة، لما قدمنا من أن الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر عمدًا وسهوًا قبل النبوة وبعدها، وقوله صدق عند البحث عنه والتفتيش، وإطلاق الكذب باعتبار فهم السامعين لا باعتبار الحقيقة، أما قوله: إني سقيم فمعناه أنه ساقم، لأن الإنسان عرضة للأسقام وسقيم لما قدر على من الموت، أو كانت تأخذه الحمى في ذلك الوقت، أو سقيم القلب أي: مغتم بسبب ضلالتهم، وأما قوله: بل فعله كبيرهم فمعناه أنه سبب في الفعل لا أنه فعل حقيقة فالإسناد إليه باعتبار السببية، أو الإسناد إلى الكبير مشروط بقوله:؟إِن كَانُوا يَنطِقُونَ؟ أو الوقف عند قوله:؟بَلْ فَعَلَهُ؟ أي: فعله فاعله وكبيرهم هذا ابتداء كلام، وأما قوله في حق زوجته سارة هي أختي فمعناه: أنها أخته في الإسلام.
قال ابن العماد: ويجوز أن يكون الله أذن له لقصد الصلاح وتوبيخهم والاحتجاج عليهم كما أذن يوسف ﵇ حين آمر مناديًا فقال لإخوته: أيتها العير إنكم لسارقون، على أن العلماء اجمعوا على أن الكذب جائز وواجب في صور عند الحاجة كما سنذكر ذلك في باب علامات المنافق.
فلما قال لهم إبراهيم ذلك،؟فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ؟ [الأنبياء: ٦٤] اختلفوا في معنى هذه الآية فقيل: معناها إنكم الظالمون لهذا الرجل في سؤالكم إياه وهذه ألهتكم التي فعل بها ما فعل حاضرة فأسالوهم، وقيل: معناها إنكم أنتم الظالمون بعبادتكم الأوثان الصغار مع هذا الكبير،؟ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ؟ [الأنبياء: ٦٥] متحيرين مكسورين منكوسين وعلموا إنها لا تنطق ولا تبطش فقالوا:؟لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ؟ [الأنبياء: ٦٥] فلما اتجهت له الحجة

(١) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (٣/١٢٢٥، رقم ٣١٧٩)، ومسلم في صحيحه (٤/١٨٤٠، رقم ٢٣٧١) من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 327