متفقون على إمامته وجلالته وحفظه وإتقانه وضبطه وعرفانه، وقد وصفوه بأنه جمع علم جميع التابعين.
وكانت وفاته بالشام سابع عشر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، وهو ابن اثنين وسبعين سنة وأوصى بأن يدفن على الطريق بقرية يقال لها: «شغب وبدا» لينال من المارين بقربة، ولله القائل:
بقارعة الطريق جعلت قبري ... لأحظى بالترحم من صديقي
فيا مولى أنت أولى ... برحمة من يموت على الطريق
«عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين» ﵄، وعن أبويها وجديها «أنها قالت أول ما بدئ رسول الله ﷺ من الوحي (١) الرؤيا الصالحة (٢) في النوم (٣)، فكان لا يرى إلا وجاءت في مثل فلق الصبح (٤)»
قال الإمام النووي: هذا الحديث من مراسيل الصحابة فإن عائشة لم تدرك زمان وقوع هذه القصة فروتها إما سماعًا من النبي ﷺ أو من صحابي آخر.
قال الطيبي (٥): والظاهر أنها سمعت من النبي ﷺ لقولها قال: «فأخذني فغطني»، ومرسل الصحابة حجة عند جميع العلماء، إلا ما انفرد به أبو إسحاق الإسفرايني.
قول عائشة «أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم» تصريح منها بأن رؤيا النبي ﷺ من جملة أقسام الوحي، وهذا متفق عليه، وإنما بُدئ ﷺ بالوحي في المنام قبل جميع أقسام الوحي السبعة ليكون تمهيدًا وتوطئه بمجيىء الملك إليه في اليقظة بالوحي لئلا يأتيه بصريح النبوة بغتة، فهذا لا يتحمله القوى البشرية.