Majalis
مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
Genres
ولقد حدثنا شيخنا الإمام العلامة قاضي المسلمين ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد الحضرمي، عن العلامة مؤرخ بلاد المغرب أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد الغرناطي لسان الدين ابن الخطيب أنه قال: أشتهي من يتعاطى البديع في شعره أن يعزر ويطوف به وينادى عليه: هذا جزاء من يتعاطى البديع في شعره! أراد أن لا يتكلفه الشاعر بل يقع له انسجاما وسجية.
ومن علوم القرآن المتعلقة بهذه الآية: حسن بيان كلمها، وتعديل معاني نظمها، ومناسبة فواصلها، وارتباطها بأوائلها، وهذا من أنواع ضروب نظم القرآن، وقد صنف فيه غير واحد منهم: أبو علي الحسن ابن يحيى بن نصر الجرجاني، وكتابه غريب بديع في بابه، وغلط في تسمية مصنفه الفخر الرازي، فجعله عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني صاحب ((المقدمة في النحو)) المشهورة ب ((الجمل)) و((شرح الإيضاح)) لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي في ثلاثين مجلدا!.
نعم لعبد القاهر الجرجاني هذا مصنفان في إعجاز القرآن ((الكبير))، وآخر دونه، فلعل الفخر الرازي أراد أحد مصنفيه في إعجاز القرآن فسماه ((ضروب نظم القرآن))؟ والله أعلم.
ويؤخذ حسن انتظام الكلام واتساق معانيه من مواضع في هذه الآية الشريفة، منها: أن الله تعالى قال: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا .. .. }.
ذكر الله تعالى هذه المنة العظمى باسمه المظهر دون المضمر، فلم يقل سبحانه: لقد مننت، بل قال: {لقد من الله} وذلك -والله أعلم- لعظم شأن هذه المنة التي لا منة أعظم منها، وهي بعثه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، ونعمة امتن بها على المؤمنين.
Page 104