356

Majālis fī tafsīr qawlihi taʿālā: Laqad manna llāhu ʿalā l-muʾminīn idh baʿatha fīhim rasūlan min anfusihim.

مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}

Genres

وصورة الاعتبار: مثل ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا سمعت قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك فإنه خير يأمرك به، أو شر ينهاك عنه.

ومثلوا للاعتبار: أن تسمع كلام من لم تره يقول لآخر غائب عن نظرك أيضا: قم. فإذا اعتبرت هذا الأمر علمت أن المأمور بالقيام لم يكن قائما، بل كان على حالة تخالف القيام، ثم تعتبر أن عاقلا آمرا لا يقول لمأمور عاقل قم إلا وثم معنى للقيام من جلب منفعة، أو دفع مضرة، أو حال توافق عقل الآمر والمأمور.

فإذا اعتبرنا قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين} علمنا أنه أنعم عليهم، ثم ننظر في وجوه إنعامه فنراها لا تحصى، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، فيصير الفكر ملتفتا إلى ذكر ما من الله به سبحانه على المؤمنين، فسمعنا قوله تعالى : {إذ بعث فيهم رسولا} فمال الفكر إلى هذا الرسول ممن هو؟ فقال سبحانه وتعالى: من أنفسهم، فاعتبرنا فائدة البعثة فعلمنا أنه ما بعثه في المؤمنين إلا لجلب منافع لهم، ودفع مضار عنهم، فتشوفنا إلى ذكر بعض ذلك فقال سبحانه: {يتلو عليهم آياته ويزكيهم} الآية، فهذا من جلب المنافع. وقوله تعالى: {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} أي: فأنقذهم منه، فهذا من دفع المضار.

وإذا اعتبرنا قوله تعالى {من قبل} ظهر أن الإيمان لم يحصل للمؤمنين في الوجود الخارجي إلا من هذه البعثة، لقوله تعالى: {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.

وهذه الأربعة: التصريف: وهو في الكلمة، والإعراب: وهو في الخبر، والنظم: وهو في القصة، والاعتبار: وهو معيار الثلاثة - هذه الأربعة هي أقسام البيان في الكلام.

وزاد أبو الحسين أحمد بن فارس على الأربعة أربعة أخر يكون بها أيضا الفهم والإفهام وهي: الخط، والعقد، والإشارة، والنصبة.

Page 412