============================================================
المجالس المؤيدية فكان تحريم الخمر من كمالها ، ومنافاة الشرائع المتقدمة فى تحريمها من جمالها ، وذلك أن الله (عذوجل) فطر السموات بأفلاكها ونجومها ويروجها ، والارض ببرها وبحرها ، وجبالها وسهولها ، لإنشاء الصور الادمية ، والهياكل البشرية . وهذا قول متفق عليه من أهل الشريعة ، وبعض القائلين بالحكمة والفلسفة، وأهل الشريعة يوقولون . إنه خلق الدنيا وما فيها لمحمد . والقولان متفقان فى الفظ والمعنى ، لكون النبى ذلك البشر المخلوقة من أجله السموات والأرض ، فاذا صفوة السماء والآرض هى الصورة الإنسانية ، وصفوة الصور الإنسانية النطق الذى من أجله خلقت وهيئت وعدلت ، وجعل لها لسان شفتان . والنطق يخلص من حيث لا أصل له يعرف ، فيعزى إليه ، ومن أجله قال الله تعالى فى شأن وعده وعيده : " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطفون (1) ، المعنى فيه ان جميع ما قال الله تعالى حق ، مثل النطق الذى لا يعلم الإنسان أين مستقره من صورته ، ومن أن يقوم، وليس جهلة بمستفرة وحيث نشأ منه بمانع من كونه حقا ، كما أن الذى قال الله تعالى من حيث الآخرة والثواب والعقاب ، وإن كمان لا يدرى ان مستقرها غير مانع أن يكون حقا وصدقا .
فاذا ثبت أن الصور الإنسانية صفوة السموات والأرض ، وأن النطق صفوة لك الصورة والقصد فيها ، فكذلك صفوة النطق العقل ، وهو الغاية لا خلاف فيه عندكا عاقل ، والعقل هو الذى به تصح معرفة توحيد الله تعالى ، والاستنارة بذور توحيده ، ومعرفة ملاثكته ورسله ، والاقتداء بهم ، والاهتداء بهداهم . وكان من شأن الخمر أن تصادم العقل الذى هو تمرة الكل ، فتطفىء أنواره ، وتهدم مناره ، (1) سورة الذاريات :23.
220
Page 222