قلت: فالوحي عندكم كله على نحو ما ذكرت في محمد أنه يقذف في قلب إمامكم، كما قذف في قلب محمد صلى الله عليه، ففي قولكم هذا إبطال كتاب الله إذ يقول تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس}[الحج: 75] ، فإذا أبطلتم رسل الله من الملائكة فأنتم إلى إبطال رسل الله من الأنس أسرع، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله لأمته:((أنه سيخرج من بعدي ثلاثون كذابا يدعون النبوة، ألا إنه لا نبي بعدي)). والله عز وجل ختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه، ولا كتاب بعد كتاب محمد صلى الله عليه، والوحي الذي جاء به جبريل من عند خالقه إلى محمد صلى الله عليه، ثابت في أمته يقوم به عترته في أمة جدهم كقيامه في أصحابه سواء سواء، ثم أنتم تزيدون لها في إمامكم عيونا حتى تجعلوه فوق محمد صلى الله عليه، لأنكم تقولون: إنه يعلم ما وراء الباب فمحمد لم يعلم ذلك، كما قال الله عز وجل: {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: 101]، وكذلك تقولون في إبطال رسالة رسل الله عز وجل: إن الأنسان يدرك بعقله توحيد الله/52/ وعدله، فما باله لا يدرك شرائع الدين بعقله، فالعدل والتوحيد أصل فروض الله تعالى التي تعبد بها خلقه، تريدون بذلك إبطال الرسل والكتب ولستم تقدرون على هدم بنيان خالقكم، فبنيانكم أولى وأقرب إلى الهدم من بنيان خالقكم سبحانه، كما قال تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} [التوبة: 109،110]، وبنيان ربكم لا ينهدم ولا يقدر عليه؛ لأنه بنيان العزيز العليم ، كما قال سبحانه:{ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38].
Page 62