214

al-maghāzī

المغاز

Editor

مارسدن جونس

Publisher

دار الأعلمي

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٠٩/١٩٨٩.

Publisher Location

بيروت

وَتَحْرِيضُهَا: اللهُمّ، إنّ لَك عَلَيّ نَذْرًا لَئِنْ رَدَدْت رَسُولَ اللهِ ﷺ إلَى الْمَدِينَةِ لَأَقْتُلَنّهَا- وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَئِذٍ بِبَدْرٍ- فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ الله ﷺ من بدر جَاءَهَا عُمَيْرُ بْنُ عَدِيّ فِي جَوْفِ اللّيْلِ حَتّى دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا، وَحَوْلَهَا نَفَرٌ مِنْ وَلَدِهَا نِيَامٌ، مِنْهُمْ مَنْ تُرْضِعُهُ فِي صَدْرِهَا، فَجَسّهَا بِيَدِهِ، فَوَجَدَ الصّبِيّ تُرْضِعُهُ فَنَحّاهُ عَنْهَا، ثُمّ وَضَعَ سَيْفَهُ عَلَى صَدْرِهَا حَتّى أَنْفَذَهُ مِنْ ظَهْرِهَا، ثُمّ خَرَجَ حَتّى صَلّى الصّبْحَ مَعَ النّبِيّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ.
فَلَمّا انْصَرَفَ النّبِيّ ﷺ نَظَرَ إلَى عُمَيْرٍ فَقَالَ: أَقَتَلْت بِنْتَ مَرْوَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله. وخشي عمير أن يكون فتات عَلَى النّبِيّ ﷺ بِقَتْلِهَا فَقَالَ: هَلْ عَلَيّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ [(١)]، فَإِنّ أَوّلَ مَا سَمِعْت هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنْ النّبِيّ ﷺ. قَالَ عُمَيْرٌ:
فَالْتَفَتَ النّبِيّ ﷺ إلَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ: إذَا أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إلَى رَجُلٍ نَصَرَ اللهَ وَرَسُولَهُ بِالْغَيْبِ، فَانْظُرُوا إلَى عُمَيْرِ بْنِ عَدِيّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ﵁: اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الْأَعْمَى الّذِي تَشَدّدَ [(٢)] فِي طَاعَةِ اللهِ. فَقَالَ: لَا تَقُلْ الْأَعْمَى، وَلَكِنّهُ الْبَصِيرُ!
فَلَمّا رَجَعَ عُمَيْرٌ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَجَدَ بَنِيهَا فِي جَمَاعَةٍ يَدْفِنُونَهَا، فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ حِينَ رَأَوْهُ مُقْبِلًا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: يَا عُمَيْرُ، أَنْتَ قَتَلْتهَا؟ فَقَالَ:
نَعَمْ، فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ قُلْتُمْ بِأَجْمَعِكُمْ مَا قَالَتْ لَضَرَبْتُكُمْ بِسَيْفِي هَذَا حَتّى أَمُوتَ أَوْ أَقْتُلَكُمْ. فيومئذ ظهر الإسلام

[(١)] لا ينتطح فيها عنزان: معناه أن شأن قتلها هين، لا يكون فيه طلب ثأر ولا اختلاف.
(شرح أبى ذر، ص ٤٥٨) .
[(٢)] هكذا فى الأصل، وفى سائر النسخ: «تشرّى» .

1 / 173