149

al-maghāzī

المغاز

Investigator

مارسدن جونس

Publisher

دار الأعلمي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٠٩/١٩٨٩.

Publisher Location

بيروت

فَأَتَاهُمْ فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إنّ فِينَا الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ وَالْإِخْوَانَ وَالْعُمُومَةَ وَبَنِي الْعَمّ، وَأَبْعَدُنَا قريب. كلّم صاحبك فليمنّ علينا أو يُفَادِنَا. فَقَالَ: نَعَمْ إنْ شَاءَ اللهُ، لَا آلُوكُمْ خَيْرًا! ثُمّ انْصَرَفَ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ.
قَالُوا: وَابْعَثُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ فَإِنّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَلَا نَأْمَنُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْكُمْ، لَعَلّهُ يَكُفّ عَنْكُمْ. فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ فَجَاءَهُمْ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: لَنْ آلُوكُمْ شَرّا! ثُمّ انْصَرَفَ إلَى النّبِيّ ﷺ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَالنّاسَ حَوْلَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُلَيّنُهُ وَيَفْثَؤُهُ [(١)] وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي! قَوْمُك فِيهِمْ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ وَالْعُمُومَةُ وَالْإِخْوَانُ وَبَنُو الْعَمّ، وَأَبْعَدُهُمْ مِنْك قَرِيبٌ، فَامْنُنْ عَلَيْهِمْ مَنّ اللهُ عَلَيْك، أَوْ فَادِهِمْ يَسْتَنْقِذْهُمْ اللهُ بِك مِنْ النّارِ فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا أَخَذْت قُوّةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَعَلّ اللهَ يُقْبِلُ بِقُلُوبِهِمْ إلَيْك! ثُمّ قَامَ فَتَنَحّى نَاحِيَةً، وسكت رسول الله ﷺ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمّ جَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ أَعْدَاءُ اللهِ، كَذّبُوك وَقَاتَلُوك وَأَخْرَجُوك! اضْرِبْ رِقَابَهُمْ، هُمْ رُءُوسُ الْكُفْرِ وَأَئِمّةُ الضّلَالَةِ، يُوَطّئُ اللهُ ﷿ بِهِمْ الْإِسْلَامَ وَيُذِلّ بِهِمْ أَهْلَ الشّرْكِ! فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَعَادَ أَبُو بَكْرٍ إلَى مَقْعَدِهِ الْأَوّلِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي! قَوْمُك فِيهِمْ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ وَالْعُمُومَةُ وَالْإِخْوَانُ وَبَنُو الْعَمّ، وَأَبْعَدُهُمْ مِنْك قَرِيبٌ، فَامْنُنْ عَلَيْهِمْ أَوْ فَادِهِمْ، هُمْ عِتْرَتُك [(٢)] وَقَوْمُك، لَا تَكُنْ أَوّلَ مَنْ يَسْتَأْصِلُهُمْ، يَهْدِيهِمْ اللهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُهْلِكَهُمْ. فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَتَنَحّى نَاحِيَةً، فَقَامَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَنْتَظِرُ بِهِمْ؟ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، يُوَطّئُ اللهُ بِهِمْ الْإِسْلَامَ وَيُذِلّ أَهْلَ الشرك، هم أعداء

[(١)] فى ح: «ويغشاه» . وفثأت الرجل إذا سكنت غضبه. (الصحاح، ص ٦٢) .
[(٢)] فى ح: «هم عشيرتك» . وعترة الرجل: أخص أقاربه. (النهاية، ج ٣، ص ٦٥) .

1 / 108