169

Mafatih

المفاتيح في شرح المصابيح

Investigator

لجنة مختصة من المحققين بإشراف

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

وهو من إصدارات إدارة الثقافة الإسلامية - وزارة الأوقاف الكويتية

Genres

لأن رحمته تعالى سبقت غضبه. وإن كانت السيئة بين العبد وبين الإنسان فإنه إذا عمل حسنةً تَدفع تلك الحسنة إلى خصمه عوضًا من مظلمةٍ يومَ القيامة، وتسقط المظلمةُ عن رقبته، فإذا كان كذلك فقد أزالت الحسنة مظلمة خصمه عنه. "وصلاة الرجل في جوف الليل" - أي: في وسط الليل - لها فضيلةٌ كثيرةٌ يأتي ذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى. قوله: "ثم تلا: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ " يعني قال معاذ: قرأ رسول الله ﵇: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٦ - ١٧] يعني: للمصلِّين فضيلةٌ ودرجةٌ رفيعة، ومن جملتها أنهم استحقُّوا بسبب صلاة الليل أن يمدحهم الله تعالى في كتابه القديم في قوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ الآية. ﴿تَتَجَافَى﴾: فعلٌ مضارعٌ، ومعناه: تتباعد وتتفارق جنوبهم عن مواضع نومهم وفُرشهم، ويتركون لذة النوم، ويقومون ويتوضؤون ويصلون في جوف الليل ويَدْعون ربَّهم ويتضرعون إليه من خوف عذابه والطمع في مرضاته ولقائه وحبه. ﴿الْمَضَاجِعِ﴾: جمع مَضْجَع بفتح الجيم، وهو موضع الضجع وهو النوم. قوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾: يعني لا يبخلون بما آتيناهم من الأموال، بل يؤتون الزكاة ويعطون الصدقة ويضيفون الأضياف. ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ﴾ (أخفي): فعل ماضٍ مجهول، من أخفى إخفاء: إذا ستر شيئًا. ﴿مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ (القرة): التفريجُ والإنعام، و(الأعين): جمع العين، و(قرة العين) معناه: جَعْلُ العين بصيرًا، والمراد به حيث استعمل هذا اللفظ إيصالُ

1 / 125