Mafātīḥ al-Jinān
مفاتيح الجنان
Genres
الحمد لله الذى ليس لقضآئه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر اجناس البدائع، واتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، جازى كل صانع، ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، ومنزل المنافع والكتاب الجامع، بالنور الساطع، وهو للدعوات سامع، وللكربات دافع، وللدرجات رافع، وللجبابرة قامع، فلا اله غيره، ولا شىء يعدله، وليس كمثله شىء، وهو السميع البصير، اللطيف الخبير، وهو على كل شىء قدير، اللهم انى ارغب إليك، واشهد بالربوبية لك، مقرا بانك ربى، اليك مردى، ابتدأتنى بنعمتك قبل ان اكون شيئامذكورا، وخلقتنى من التراب، ثم اسكنتنى الاصلاب، آمنا لريب المنون، واختلاف الدهور والسنين، فلم ازل ظاعنا من صلب الى رحم، فى تقادم من الايام الماضية، والقرون الخالية، لم تخرجنى لرأفتك بى، ولطفك لى، واحسانك الى، فى دولة ائمة الكفر الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك اخرجتنى للذى سبق لى من الهدى، الذى له يسرتنى، وفيه انشأتنى، ومن قبل رؤفت بى بجميل صنعك، وسوابغ نعمك، فابتدعت خلقى من منى يمنى، واسكنتنى فى ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد، لم تشهدنى خلقى ، ولم تجعل الى شيئا من امرى، ثم اخرجتنى للذى سبق لى من الهدى الى الدنيا تآما سويا، وحفظتنى فى المهد طفلا صبيا، ورزقتنى من الغذآء لبنا مريا، وعطفت على قلوب الحواضن، وكفلتنى الامهات الرواحم، وكلاتنى من طوارق الجآن، وسلمتنى من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى اذا استهللت ناطقا بالكلام، اتممت على سوابغ الانعام، وربيتنى آيدا فى كل عام، حتى إذا اكتملت فطرتى، واعتدلت مرتى، اوجبت على حجتك، بان الهمتنى معرفتك، وروعتنى بعجايب حكمتك، وايقظتنى لما ذرأت فى سمآئك وارضك من بدائع خلقك، ونبهتنى لشكرك، وذكرك، واوجبت على طاعتك وعبادتك، وفهمتنى ما جاءت به رسلك، ويسرت لى تقبل مرضاتك، ومننت على فى جميع ذلك بعونك ولطفك، ثم اذ خلقتنى من خير الثرى، لم ترض لى يا الهى نعمة دون اخرى، ورزقتنى من انواع المعاش، وصنوف الرياش بمنك العظيم الاعظم على، واحسانك القديم الى، حتى اذا اتممت على جميع النعم، وصرفت عنى كل النقم، لم يمنعك جهلى وجرأتى عليك ان دللتنى الى ما يقربنى اليك، ووفقتنى لما يزلفنى لديك، فان دعوتك اجبتنى، وان سألتك اعطيتنى، وان اطعتك شكرتنى، وان شكرتك زدتنى، كل ذلك اكمال لانعمك على، واحسانك الى، فسبحانك سبحانك، من مبدئ معيد، حميد مجيد، تقدست اسمآؤك، وعظمت آلاؤك، فأى نعمك يا الهى احصى عددا وذكرا، أم اى عطاياك أقوم بها شكرا، وهى يا رب اكثر من ان يحصيها العآدون، أو يبلغ علما بها الحافظون، ثم ما صرفت ودرأت عنى اللهم من الضر والضرآء، أكثر مما ظهر لى من العافية والسرآء، وانا اشهد يا الهى بحقيقة ايمانى، وعقد عزمات يقينى، وخالص صريح توحيدى، وباطن مكنون ضميرى، وعلائق مجارى نور بصرى، واسارير صفحة جبينى، وخرق مسارب نفسى، وخذاريف مارن عرنينى، ومسارب سماخ سمعى، وما ضمت واطبقت عليه شفتاى، وحركات لفظ لسانى، ومغرز حنك فمى وفكى، ومنابت اضراسى، ومساغ مطعمى ومشربى، وحمالة ام رأسى، وبلوغ فارغ حبائل عنقى، وما اشتمل عليه تامور صدرى، وحمائل حبل وتينى، ونياط حجاب قلبى، وأفلاذ حواشى كبدى، وما حوته شراسيف اضلاعى، وحقاق مفاصلى، وقبض عواملى، واطراف اناملى ولحمى ودمى، وشعرى وبشرى، وعصبى وقصبى، وعظامى ومخى وعروقى، وجميع جوارحى، وما انتسج على ذلك ايام رضاعى، وما اقلت الارض منى، ونومى ويقظتى وسكونى وحركات ركوعى وسجودى، ان لو حاولت واجتهدت مدى الاعصار والاحقاب لو عمرتها ان أؤدى شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك الا بمنك الموجب على به شكرك ابدا جديدا، وثنآء طارفا عتيدا، اجل ولو حرصت انا والعآدون من انامك، أن نحصى مدى انعامك، سالفه وآنفه ما حصرناه عددا، ولا احصيناه امدا، هيهات أنى ذلك وانت المخبر فى كتابك الناطق، والنبأ الصادق، وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها، صدق كتابك اللهم وانبآؤك، وبلغت انبيآؤك ورسلك، ما انزلت عليهم من وحيك، وشرعت لهم وبهم من دينك، غير أنى يا الهى اشهد بجهدى وجدى، ومبلغ طاعتى ووسعى، وأقول مؤمنا موقنا، الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك فى ملكه فيضآده فيما ابتدع، ولا ولى من الذل فيرفده فيما صنع، فسبحانه سبحانه، لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا وتفطرتا، سبحان الله الواحد الاحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا احد، الحمد لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين، وانبيآئه المرسلين، وصلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم .
ثم اندفع في المسألة واجتهد في الدعاء ، وقال وعيناه سالتا دموعا :
Page 411