============================================================
نفسير سورة البقرة /249 الجهل الأول: إذكان السجود الأول لهم بالمشابهة في الكون الأول لا بالفطرة والأمر؛ فإذ كان سجوده وعبادته بالمشابهة كان وجوده وروحانيته آيضا بالمشابهة. فمن قال: إنه من الملائكة نظر إلى كون المشابهة، وأدرجه في التكليف؛ ومن قال: إنه لم يكن من الملائكة لا ظر إلى كون المباينة واخرجه من الوجود فضلا عن التكليف. فصدق الفريقان من هذا الوجه وكذبا: إذ لم يحكما بالحكمين معأ؛ وكما يشابه الباطل الحق في الوجود في الكون الأول كذلك يشابه الشيطان الملائكة الروحانيين في الكون الأول حتى إذا كان للملك قوة الكون بكل مكان -121آ والوجود في كل زمان والتصرف في كل شخص كذلك يكون له الكون بكل مكان ولكن لا بالمكان الأعلى، والوجود في كل زمان ولكن لا في الزمان الآخر أعني الآخرة، والتصرف في كل شخص ولكن لا في رجال الكمال، أعني عباد الله المخلصين.
وكما عرفت أن الحق يظهر بالمحق كذلك تعرف أن الباطل يظهر بالمبطل. فالانسانا الأول شخص ادم -عليه اللام -؛ فابليسه شخص من أشخاص الجن وهو الحارت بن مرة: وكذلك الانسان الثاني والثالت إلى يوم القيامة حيت يقوم الناس لرب العالمين؛ فترتفع المشابهة بالأشخاص؛ وإن قلت: الإنسان الأول هو نوع الإنسان وهو معنى في الأشخاص، وكذلك إبليسه شيطان منتشر في العالم، أي معنى في الأشخاص يجري في بني ادم مجرى وكما أن العقل الكل الفعال له شخص في العالم الجسماني وهو النبي في زمانه أو النائب عنه أو الوارث منه في غير زمانه، كذلك الجهل المشابه للعقل له شخص في العالم الجسماني وهو خصم النبي في زمانه أو خصم نائبه ووارثه في مكانه؛ وأن من لم يقل بالأمر إبليس لعنه اله، كذلك من لايقول بالأمر من الأشخاص الفلاسفة؛ وكما أن الله تعالى يتكلم على لسان الأنبياء - عليهم السلام - كذلك إيليس يتكلم على لسان الفلاسفة: وكما أن إبليس لم يقل بالمتوسط في الأمر على صورة البشر، فقال: "لأشجد لبشر) كذلك الصابئة لم يقولواا بالمتوسط في الأمر على صورة البشر، فقالوا: (أ يشر يهدوتنا): وكما أن إبليس لم يقل بالوحدة والأحدية الخالصة: إذ شابه الواحد بوحدته وناريته، أي النار واحدة والطين اثنان، ليتهنل
Page 345