============================================================
1254مفاتيح الأسرار ومصابيح الابرار الأسرار) قال الذين أوتوا العلم والإيمان في كتاب الله: إن أول خطاب خاطب الله تعالى به ملائكته المقربين -علهم اللام - خطاب تكليفي وامتحان هو خطاب الاستسلام لخلافة آدم - عليه اللام - وأول خليفة لله تعالى في الأرض هو آدم أبوالبشر على مبدأ دور الكشف ليظهر به أوامره وأحكامه، وينكشف به وبذريته الطاهرين آياته وأسراره. فأخبرهم أولا بأني جاعل في الأرض خليفة، ثم أمرهم ثانيا بأن اسجدوا لآدم، وكان الإخبار تعريفا والأمر تكليفا. تم إن الملائكة تعجبواعند خبر التعريف فقالوا: (أتجقل فيها من يفسد فيها و يشفك الدماء) تعجبا في ضمنه إعجاب بأعمالهم. (و نخن نسبح بحندك ونقدش لك).
فلم يكن منهم التسليم خالصاكل التسليم حتى أظهر فضله - عليه السلام - عليهم؛ فسلموا وأطاعوا عند أمر التكليف؛ وإن الذي تشبه بهم في صورة الملكية ولم يكن منهم حقيقة أعجب بنفسه عند أمر التكليف. فقال: (أنا خير منه) (أ أشجد لمن خلقت طينا) وكان ذلك عجبا في ضمنه تعجب؛ فلم يسلم لأمره أصلا، وفسق عن أمر ربه استكبارا وإنكارا واستبدادا برايه وقياسه وإعراضا عن امره ونصه وتعيينه؛ فلحقته اللعنة وتمت عليه الكلمة، فصارت القصة سارية في بني آدم إلى يوم الدين؛ وكما أن الخلافة في الأرض لم تنقطع إلى قيام الساعة كذلك المسلمون والمنكرون على حالهم لم يتبدلوا إلى يوم القيامة؛ وكما أن التكليف والتعريف كان متوجهأ على الملائكة ومن شبه بهم كذلك كان متوجهأ على الأبرار والأشرار؛ وكما أن الملكية إنما امتازت عن الشيطانية بذلك التكليف الخاص كذلك المؤمن انما امتاز عن المتافق بهذا التكليف، ليذهب المؤمنون مع الملائكة إلى الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والأرض، ويذهب المنافقون مع الشياطين إلى النار خالدين فيها مادامت السماوات والأرض.
وسر آخر: أن الملائكة -عليهم اللام -خلائف السماء متوسطون في الخلق بأمره -سبحانه وتعالى -وان الأنبياء -علهم السلام -خلائف الأرض متوسطون -109 ب - في الأمر بإذنه - سبحانه وتعالى - فتعجبت الملائكة كيف تكون الجسمانيات متوسطين في الآمر الربانى، وهو فوق الروحاني وهم على أدناس الطبائع جوهرا وطينة، وأوضار الفساد وسفك الدماء ليتهنل
Page 320