============================================================
تفير سورة البقرة223 نم ذكر معاد المؤمنين الجنة التي تجرى من تحتها الأنهار الآية. فهي أشجار وتمار ومياه وأنهار، وتمارها متشابهة على اختلاف صورها وأشكالها وألوانها، ولهم فيها أزواج مطهرة اما بالفطرة أو بالتطهير وهم فيها خالدون؛ فمجموعها إذا جنات وأنهار ونمار وازواج وخلود، نم أشجارها وتمارها متحدة اتحاد الحق بالمحق والكلام بالمتكلم والعلم بالعالم، و ثمارها متشابهة تشابة الكلمات الصادفة العادلة في تحقيق الحق وإبطال الباطل؛ فإنها مختلفة الألفاظ والعبارات متفقة المعاني والحقائق، وعلى الوجهين قد أتو به متشابهأ كلها خيار لا رذالة فيها، وحق لاباطل معه.
و أزواجهم مطهرة تطهير الأنبياء المؤمنين والعلماء المتعلمين من أنواع الضلال والبدع، وهم فيها خالدون خلود اليقين الذي لاينفك عن قلوب الموقنين؛ وإن الذوات إذاكان تفاوتها بيقاء صورها، والصور إذا كانت يقينية فهي دائمة الوجود واجبة الخلود: فالنفوس المرتسمة بها دائمة الوجود واجبة الخلود؛ وكذلك الحق في كل قضية كالبنيان على تقوى من الله ورضوان يشد بعضه بعضا، ويصدق أوله آخره، وآخره أوله، ويكون الإقرار به إقرارا والإنكار عليه إقرارا، وإثباته إثباتا ونفيه إثباتا.
وهذه خواص النفوس التي لها البقاء والدوام والخلود، بخلاف الباطل في كل قضية كالبنيان على شفا جرف هار ينقض بعضه بعضا، ويكذب أوله آخره، وآخره أوله، ويكون الاقرار به إنكارا والإنكار عليه إقرارا وإثباته نفيا ونفيه إنباتا؛ وهذه خواص النفوس التي لاتموت فيها ولاتحيا، ولا تبقى فيها ولاتفنى. -95 ب فمن أراد أن يعرف صفات أهل الخلدين في الآخرة وهو في الدنيا فليتدبر أحوال الفريقين في الدنيا وهو في الآخرة؛ وقد قال النبي -صلى الله عليه وآله - "إن في الجنة ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتكم عليه" (481)، واطلاعه -صلى الله عليه وآله -إما بإخباره عن تلك النعم الخالدة، وإنما تعرف بالأخبار الأسماء والألقاب كماقال - عليه اللام - : "اليس عندكم من الجنة إلا الأسماء والألقاب." (482) فهي في الأسماء متشابهة و في الحقائق متباينة؛ وأما الدين والشريعة وتحقيقه الحق وإبطاله الباطل فتكون كل قضية منالآ لما في المعاد، فيبصر المفروخ في المستأنف ويعرف الخلق بالأمر، والأمر بالثواب في ليتهنل
Page 289