270

============================================================

1204مفاتيح الأسرار ومصابيح الابرار وقوله: (لعلك باخع نفسك)، فقيل: معناه النهي والتحذير؛ ومن هذا القبيل قول القائل: لعلك تحسبني فلانا، ولعلك تظنني أحط عنك شيئا من هذا المال، أي لاتظن ذلك ولاتحسبن.

قال يونس النحوي وقطرب: إن "لعل" هاهنا بمعنى كي، يعني لكي تتقوا العذاب بطاعتكم لله، ولكي تتجوا من السخط والنار.

وقال سيبويه: لعل وعسى حرفا ترج وطمع، أي كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله أن تحل بكم؛ وهذا قول البصريين، وهو أحسن ما قيل فيه؛ والقولانا ذكرهما الزجاج.

و قال القفال1 في "لعلكم تتقون ): إنما ذلك كقول الرجل لأجيره إذا رآه يقصر في عمله: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك؛ ويقول لمن يعظه: اقبل مني لعلك تفلح، لايريد بذلك شكا وإنما يدخل لعل ترقيقا للموعظة وتقريبا -86 ب - لها من قلب الموعوظ؛ ولأن الله قد وعد أهل عبادته الخلود في الجنة والنجاة من النار، ووعده حق لا شك فيه، لكن أجرى ذلك على عبارة العرب في الإخبار عن أنفسها: إذ يقول القائل منهم: أنا أفعل ذلك لعله ينفعني: فبنى الكلام فيه على ما اعتادته العرب؛ وكأنه قال: اعبدوا الله راجين للنجاة والفوز قائلين في أنفسكم: لعل الله يقينا النار إذا عبدناه؛ والراجي منا واقف بين الشك واليقين في رجائه: لا وقد وصف الله المؤمنين بمثل ذلك في قوله: (يدعون ربهم خوفا وطمعا).

وقوله: (يتقون) هو يفتعلون من الوقاية، وسواء هي وقولك: يتوقون، وكأنه [قال]: لعلكم تقون أنفسكم النار أو تقون أنفسكم الشرك.

الآسرار قال الذي عنده علم من الكتاب: في هذه الآية إشارات إلى أسرار منها: أنه -صلى الله عليه اله - كان مبعوثا إلى الأحمر والأسود والناس أجمعين؛ إذ الخطاب عام لكل من يطلق عليه اسم الناس. ثم المقصود منهم العفلاء المكلفون، والمقصود من المكلفين المؤمنون، فهم الناس في الحفيقة؛ وقد عرفت كيف يتخصص العام وبعم الخاص.

1. في الهامش عنوان: المعاني.

ليتهنل

Page 270