257

============================================================

تفسبر سورة البقرة 191 تتفع يه نفس المنافق من عصمة النفس والمال، ويبصر بنوره رشده وهدايته، وكان الاسلام مما يطلب به الغرضان؛ فلما أضاعت ما حوله بقدرها ذهب الله بنورهم. مثل ضياء إسلاما المنافق بضياء تلك النار على قدر تسليمه وطاعته، ومثل إعراضهم عن ذلك في السر عند الشياطين الذين خلوا إليهم بانطفاء النار -80 ب وذهاب نورها، ومثل ظلمات الكفر الباطن بتلك الظلمات؛ ومن بقي في الظلمات كيف يبصر الطريق؟! بل يصير كالأصم الذي لايسمع، والأبكم الذي لاينطق، والأعمى الذي لايبصر، فهم لايرجعون، وهذا إن حملته على المثل ثم تقلبه إلى المثل فهو صحيح، وإن حملته ابتداء على الممثل فهو أيضا صحيح، وهو عبارة عن الياس منهم إذ صاروا صما عن الحق، وبكما في الحق، وعميا عن الحق . فهما لايرجعون إلى الهدى ودين الحق: وهذا الحكم عليهم حكم المفروغ كما ذكرنا في حق الذين (ختم الله على قلوبهم وعلى سنعيم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) وبالحكم المفروغ لايرتفع حكم المستانف؛ فيبقى التكليف عليهم ماداموا أحياء في هذا العالم: وهذا التقدير فيهم ما دامت السماوات والأرض في ذلك العالم.

وسر آخر: في الأمثال المضروبة في القرآن أنها لأمرين: أحدهما بيان حال الممثل و إيضاح البرهان بالمثال، والثاني بيان مأل حال الممثل بالمثال كما في هذا المثل؛ فإنه كما يبين بهذا المثال حالهم في النفاق للحال، كذلك يبين به حالهم في المآل أنه يضيء لهم يوما القيامة على الصراط نور ثم ينطفى عنهم كما قال الله تعالى: (يوم يقول المنافقون والمتافقات للذين آمنواانظرونا نقتبش من نوركم قيل ازجغوا وراءكم فالتمشوا نورا": وليس لهم رجعة، فبقوا على الصراط صما بكما عميا فهم لايرجعون؛ والظاهر أن المتل في المنافقين الذين سبق ذكرهم حتى ينتظم الكلام بما سبق؛ فيكون قوله: "مثلهم" راجعا اليهم: ومن قال: "إنه في غيرهم من اليهود والمشركين" فقد بتر نظام الكلام، والنقل غير صحيح وسر آخر: في المثل أنه تعالى قال: (مثلهم كمثل الذي اشتؤقد نارا* ولم يقل كالذي استوقد: وكذلك جميع الأمثال في القرآن، قال تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لما يخملوها كمثل الحمار) ولم يقل كالحمار: والسر في ذلك أن الموجودات المتباينة ليتهنل

Page 257