The Keys to the Unknown
مفاتيح الغيب
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
أَبِي يُوسُفَ أَنَّ التَّعَوُّذَ لَوْ كَانَ لِلْقِرَاءَةِ لَكَانَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقِرَاءَةِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كُرِّرَ بِتَكَرُّرِ الصَّلَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لِلصَّلَاةِ لَا لِلْقِرَاءَةِ، الْفَرْعُ الثَّانِي: إِذَا افْتَتَحَ صَلَاةَ الْعِيدِ فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ هَلْ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَمْ لَا؟ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ التَّكْبِيرَاتِ ثُمَّ يَتَعَوَّذُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقَدِّمُ التَّعَوُّذَ عَلَى التَّكْبِيرَاتِ.
وَبَقِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَاتِحَةِ أَشْيَاءُ نذكرها هاهنا:
السنة في القراءة:
المسألة الثامنة [السنة في القراءة]: السُّنَّةُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى التَّرْتِيلِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [الْمُزَّمِّلِ: ٤] وَالتَّرْتِيلُ هُوَ أَنْ يَذْكُرَ الْحُرُوفَ وَالْكَلِمَاتِ مُبَيَّنَةً ظَاهِرَةً، وَالْفَائِدَةُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْقِرَاءَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهِمَ مِنْ نَفْسِهِ مَعَانِيَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَأَفْهَمَ غَيْرَهُ تِلْكَ الْمَعَانِيَ، وَإِذَا قَرَأَهَا بِالسُّرْعَةِ لَمْ يَفْهَمْ وَلَمْ يُفْهِمْ، فَكَانَ التَّرْتِيلُ أَوْلَى،
فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا»
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: جَاءَ فِي الْأَثَرِ أَنَّ عَدَدَ آيِ الْقُرْآنِ عَلَى عَدَدِ دَرَجِ الْجَنَّةِ، يُقَالُ لِلْقَارِئِ: اقْرَأْ وَارْقَ فِي الدَّرَجِ عَلَى عَدَدِ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَمَنِ اسْتَوْفَى قِرَاءَةَ جَمِيعِ آيِ الْقُرْآنِ اسْتَوْلَى عَلَى أَقْصَى الْجَنَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ جهرا فَالسُّنَّةُ أَنْ يُجِيدَ فِي الْقِرَاءَةِ،
رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ اشْتِبَاهَ الضَّادِ بِالظَّاءِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشَابَهَةَ حَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا جِدًّا وَالتَّمْيِيزُ عَسِرٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ التَّكْلِيفُ بِالْفَرْقِ، بَيَانُ الْمُشَابَهَةِ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الرَّخْوَةِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمُطْبَقَةِ، وَالرَّابِعُ: أَنَّ الظَّاءَ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهُ مِنْ بَيْنِ طَرَفِ/ اللِّسَانِ وَأَطْرَافِ الثَّنَايَا الْعُلْيَا وَمَخْرَجُ الضَّادِ مِنْ أَوَّلِ حَافَةِ اللِّسَانِ وَمَا يَلِيهَا مِنَ الْأَضْرَاسِ إِلَّا أَنَّهُ حَصَلَ فِي الضَّادِ انْبِسَاطٌ لِأَجْلِ رَخَاوَتِهَا وَبِهَذَا السَّبَبِ يَقْرُبُ مَخْرَجُهُ مِنْ مَخْرَجِ الظَّاءِ، وَالْخَامِسُ: أَنَّ النُّطْقَ بِحَرْفِ الضَّادِ مَخْصُوصٌ بِالْعَرَبِ
قَالَ ﵊: «أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ»
فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُشَابَهَةَ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ شَدِيدَةٌ وَأَنَّ التَّمْيِيزَ عَسِرٌ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: لَوْ كَانَ هَذَا الْفَرْقُ مُعْتَبَرًا لَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَفِي أَزْمِنَةِ الصَّحَابَةِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ دُخُولِ الْعَجَمِ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ وُقُوعُ السُّؤَالِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَلْبَتَّةَ عَلِمْنَا أَنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ لَيْسَ فِي مَحَلِّ التَّكْلِيفِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ اللَّامَ الْمُغَلَّظَةَ هَلْ هِيَ مِنَ اللُّغَاتِ الْفَصِيحَةِ أَمْ لَا؟ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَثْبُتَ كَوْنُهَا مِنَ اللُّغَاتِ الْفَصِيحَةِ لَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَغْلِيظُهَا حَالَ كَوْنِهَا مَكْسُورَةً لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنَ الْكَسْرَةِ إِلَى التَّلَفُّظِ بِاللَّامِ الْمُغَلَّظَةِ ثَقِيلٌ عَلَى اللسان، فوجب نفيه عن هذه اللغة.
لا تجوز الصلاة بالشاذة:
المسألة الثانية عشرة [لا تجوز الصلاة بالشاذة]: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْوُجُوهِ الشَّاذَّةِ مِثْلَ قَوْلِهِمُ «الْحَمْدِ لِلَّهِ» بِكَسْرِ الدَّالِ مِنَ الْحَمْدِ أَوْ بِضَمِّ اللَّامِ مِنْ لِلَّهِ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَنْفِي جَوَازَ الْقِرَاءَةِ بِهَا مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنَ الْقُرْآنِ لَوَجَبَ بُلُوغُهَا فِي الشُّهْرَةِ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلَّا أَنَّا عَدَلْنَا
1 / 69