Mafātīḥ al-ghayb
مفاتيح الغيب
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
هَذِهِ السُّورَةَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ السُّورِ فَقَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَمَامُ هَذِهِ فَجَعَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ اسْمًا لِهَذِهِ السُّورَةِ. الْخَامِسُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ، مِنْ عَدَمِ الْجَهْرِ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُغَفَّلِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها [الْإِسْرَاءِ: ١١٠] . السَّادِسُ: الْجَهْرُ كَيْفِيَّةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، وَالْإِخْفَاءُ كَيْفِيَّةٌ عَدَمِيَّةٌ، وَالرِّوَايَةُ الْمُثْبِتَةُ أَوْلَى مِنَ النَّافِيَةِ. السَّابِعُ: أَنَّ الدَّلَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ مُوَافِقَةٌ لَنَا، وَعَمَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵇ مَعَنَا، وَمَنِ اتَّخَذَ عَلِيًّا إِمَامًا لِدِينِهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِي دِينِهِ وَنَفْسِهِ.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً [الْأَعْرَافِ: ٢٠٥] فَالْجَوَابُ أَنَّا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ، أَمَّا قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ قِرَاءَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْعِبَادَةِ وَالْخُضُوعِ، فَكَانَ الْجَهْرُ بِهِ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: في تفاريع التسمية وفيه فروع: - فروع أحكام التسمية:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: قَالَتِ الشِّيعَةُ: السُّنَّةُ هِيَ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ أَوِ السِّرِّيَّةِ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِيهِ.
الْفَرْعُ الثَّانِي: الَّذِينَ قَالُوا التَّسْمِيَةُ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ إِثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَهَؤُلَاءِ فَرِيقَانِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا كُتِبَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ، وَهَذَا الْفَصْلُ قَدْ صَارَ الْآنَ مَعْلُومًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِثْبَاتِ التَّسْمِيَةِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ تُكْتَبْ لَجَازَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَجِبُ إِثْبَاتُهَا/ فِي الْمَصَاحِفِ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَبَدًا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهَا آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَلَيْسَتْ آيَةً مِنَ السُّورَةِ، وَهَؤُلَاءِ أَيْضًا فَرِيقَانِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُنْزِلُهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا، بَلْ أَنْزَلَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَمَرَ بِإِثْبَاتِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهَا، وَعَلَى أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ مَا
رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُعِدُّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً فَاصِلَةً،
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: إِنَّ الْفَضْلَ الرَّقَاشِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهُ مَا أَجْرَأَ هَذَا الرَّجُلَ!
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ السُّورَةَ قَدْ خُتِمَتْ وَفُتِحَ غَيْرُهَا،
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَدْ تَرَكَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةٍ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَأَنَّ الْفَاتِحَةَ يَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ لَا شَكَّ أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ قِرَاءَةَ التَّسْمِيَةِ أَمَّا الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَتْبَاعُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ جِنِّي وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَقْرَأُ التَّسْمِيَةَ سِرًّا، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، وَأَمَّا فِي النَّافِلَةِ فَإِنْ شَاءَ قَرَأَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي وُجُوبَ قِرَاءَتِهَا فِي كُلِّ الرَّكَعَاتِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ رَوَى يَعْلَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْرَأُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ
1 / 182