بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب: مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني
المؤلف: أبو العلاء محمد بن أبي المحاسن بن أبي الفتح بن أبي شجاع الكرماني
المحقق: عبد الكريم مصطفى مدلج
الناشر: دار ابن حزم - بيروت
سنة النشر: ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
عدد المجلدات: ١
رقم الطبعة: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 90
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
بعونك يا لطيف
أما بعد: فإني ألفتُ هذا الكتاب على بيان معاني القراءة عن القراء السبعة. وأبديت رغبة وقمت في تحصيلها بما يليق بها في تأويلها من دلائلها وترتيبها ورسومها وتهذيبها، ليسهل ضبطها ومعرفة لفظها، والوقوف على دقائقها من حفظها، وسميته (المفاتيح الأغاني مرتبًا على القراءة والمعاني)، رجاء أن يجعله الله ذخرًا في العاجل وأجرًا في الآجل، والله تعالى الموفق للسَّدَاد، والمحقق للمراد، إنه رءوف بالعباد.
* * *
1 / 91
مذهب القراء بالاستعاذة
فأول ذلك دائمًا نحن نبتدئ بتفسير الاستعاذة ودلائلها وقراءاتها. وأمَّا مذهب القراء في التعوذ فاختار نافع وابن عامر والكسائي أن يقولوا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السّميع العليم، واحتجوا بقوله: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)، واختار أبو عمرو وعاصم أن يقولا: أعوذ بالله
1 / 92
من الشيطان الرجيم، واحتجا بقوله: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨»، واختار حمزة أن يقول: نستعيذ بالله من
الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم، واختار ابن كثير: أعوذ بالله
العظيم من الشيطان الرجيم، يقول: كما نعتَّ الشيطان بالرجيم فانعت الله
بالعظيم.
1 / 93
ومن سورة الفاتحة
٢ - وأمَّا قول القُرَّاء في (الْحَمْدُ لِلَّهِ) قرئ رفعًا ونصبًا
وخفضًا، فبالرفع ابتداء، وبالنصب على المصدر، وبالخفض لمجاورة
المخفوض وهو (لِلَّهِ)، وقرأ الحسن ورؤبة (الْحَمْدِ لِلَّهِ) بكسر
الدال)، أتْبَعَا الكسْرَ الكَسْرَ، وذلك أن الدّال مضمومةٌ وبعدها لام الإضافة
1 / 94
مكسورةً، فكرهوا الخروج من ضمّ إلى كسر فأَتْبَعوا الكسرةَ الكسرةَ.
وقرأ (٤٠/ب) إبراهيم بن [أبي] عبلة: (الْحَمْدُ لُلَّهِ) بضم الدال واللام، أتبع الضمَّ الضمَّ، كما أتبعوا أولئك الكسْرَ الكَسْرَ، ويجوز في النحو (الْحَمْدَ لِلَّهِ) بفتح الدال، وقد رُويت عن الحسن أيضًا تجعله مصدرًا لِحَمِدْتُ أحْمَدُ حَمْدًا فأنا حامد، ودخلت الألف واللام في المصدر تخصيصّا. وقال الكسائي: لفظه خبر والمراد به أمر، كقوله: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ)، أي: لِيَتَرَبصْن. ويقال: هو إخبار من الله بأنه مستحق للحمد. وقال ابن عباس: الحمدُ لله: الشكر لله. وقال الأخفش: أي: الثناء لله.
1 / 95
٤ - قوله تعالى: (ملِكِ يَوْم الدين) قرئ بسبع قراءاتٍ بالألف وبغيره، فبالنصب والخفض وَالرفع، وبجزم اللام قرأه أبو حيوة الشامي. و(مالكِ) بالألف مأخوذ من الفعل، وبغير الألف مأخوذ من الصفة، والملِك أصح من المالك في المعنى، والمالك في القراءة أفضل لزيادة حرفٍ، ويقال: مَلَكَ يَمْلِكُ مِلْكًا فهو مَالِكٌ من الفعل، ومَلَكَ يمْلك مُلْكًا فهو مَلِك من الصفة.
٦ - قوله تعالى (الصِّرَاطَ)، وفي الصراط أربع لغات (السِّراط)
1 / 96
بالسِّين وهو الأصل، وبالصاد لمجيء الطاء بعدها، وبالزاي الخالصة، وبإشمام الصاد، الزاي، كل ذلك قد قرئ به ومثله: صندوق وزندوق وسندوق.
٧ - قوله تعالى (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هم الأنبياء، ﵈،
1 / 97
والأصل في (عَلَيْهِمْ) عليهُم بضم الهاء، وهي لغة رسول الله ﷺ وقد قرأ بذلك حمزة، وإنَّمَا كسر الهاءَ قوم ٌلمجاورة الياء، وأمّا أهل المدينة ومكة فيصلون الميم بواوِ (عَلَيْهمُو) فالواو علامة للجمع كما كانت الألف في (عليهما) علامة التثنية، ومن حذف الواو فإنه حذفها اختصارًا، وأجمع القُرَّاء على كسر الهاء في التثنية إذا قلت: (عليهِما)، كقوله: (أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا)، إلا يعقوب الحضرمي فإنه ضمّ الهاء في التثنية كما ضمها في الجمع.
٧ - قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ)، (غَيْرِ) إنْ قرأته بالخفض فهو بدل (الَّذِينَ) كالصراط الثاني بدل من الأول، ويقال: نعت
1 / 98
(الَّذِينَ)، والتقدير: صراط الذين أنعمت عليهم غير اليهود والنصارى.
وإن قرأته بالنصب فعلى الحال والاستثناء، والغير على معنيين، أحدهما: سوى، والثاني: بمعنى إلا، وها هنا على معنى: إلا الَّذِينَ غضبتَ عليهم كما غضبتَ على اليهود والنصارى.
* * *
1 / 99
ومن سورة البقرة
٩ - قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ)، يخادعون: يفاعلون من الخدع، يقال: خَدَعْتُه خِدْعًا وخَدْعًا وخَدِيعَة، إذا أظهرت له غير ما تضمر.
قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ) بمعنى: يخدعون، وقرأ حجازي وأبو عمرو بالألف.
ومن قرأ (يَخْدَعُونَ) [قال:] إن (فَعَلَ) أولى بفعل الواحد من (فَاعَل)، ويخادعون بالألف، قال: هو من المفاعلة، ومعنى قوله:
(وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) هو أنهم طلبوا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين، وإنَّمَا خدعوا أنفسهم، لأن وبال خداعهم عاد عليهم.
1 / 100
١٠ - قوله تعالى: (بِمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ)، (مَا) في تأويل المصدر، أي: بتكذيبهم وبكونهم مكذبين. وقرأ أهل الكوفة (يَكْذِبُونَ) بالتخفيف من الكذب، وهو أشبه بما قبله وبما بعده.
٣٦ - قوله تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا)، أي: نَحَّاهما وبعَّدهما، يقال زَلَّت قَدَمُه زَلَلا وزليلا إذا لم تثبت، وأزالهما صاحبهما إذا حملهما على الزليل.
وقرأ حمزة (فأَزَالَهُما)، يقال: زَال عن مكانه وأَزَال غيرَه.
٣٧ - قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ)، التلقي معناه هاهنا: الأخذ والقبول، قال الأصمعي: تَلَقتِ الرَّحِمُ ماءَ الفحل إذا قَبِلتهُ.
والكلمة تقع على القليل والكثير، وقرأ ابن كثير (آدمَ) بالنصب، (كَلِماتٌ) بالرفع، وذلك أن من الأفعال ما يكون إسناده إلى الفاعل
1 / 101
كإسناده إلى المفعول وذلك مثل: أصبتُ ونلتُ، تقول: نالني خيرُ ونلتُ خيرًا.
٥١ - قوله تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى)، وهي قراءة أبي عمرو بغير ألف، كقوله: (وَعَدَ اللَّهُ)، (أَلَم يَعِدكُم)، (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ)، (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ)، وقراءة أكثر القراء (وَاعَدْنَا) من المواعدة، لأن ما كان من الله من الوَعْد، ومن موسى من القبول به والتحري لإنجازه يقوم مقام الوَعْد فصار كالمُواعِدِ من (الفاعلين)، وأيضًا فإن (المفاعلة) قد تقع من الواحد يقال: وَعَدتُه وَعْدًا وعِدَةً ومَوعِدًا ومَوْعِدةً، قوله: (إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ)، وتقدير الكلام: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلةً، للتكلم معه ولإيتائه الكلمات.
٥٨ - قوله تعالى: (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ)، أصل الغَفْر: السَّتْرُ والتغطية، وغفر الله ذنوبَه، أي: سترها، وكل شيءٍ سترته فقد غفرته، والمِغْفَرُ: يكون تحت بيضة الحديد يغفر الرأس.
وأجمع القراء على إظهار الراء عند اللام، إلا ما روي عن أبي عمرو من إدغامه الراء عند اللام. قال الزجاج: وهو خطأ فاحش،
1 / 102
وأحسب الذين رووا ذلك عن أبي عمرو غالطين، ولا يدغم الراء في اللام؛ لأن الراء حرف مكرر، ولا يدغم الزائد في الناقص، ولو أدغمت الراء في اللام لذهب التكرير من الراء، وهذا إجماع النحويين. و(الخطايا) جمع (خطيئة) وهي الذنب على عمد، قال أبو الهيثم: يقال: خطئ: لما صنعه عمدًا، وهو الذنب، وأخطأ: لما صنعه خطأً غير عمدٍ.
وقوله: (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)، أي: الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحسانًا وثوابًا.
٩٠ - قوله تعالى: (أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ)، أي: إنزال الله، والمعنى: حسدًا أنزل اللَّهُ الكتابَ على من يشاء من عباده.
٩٧ - قوله تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ)، وفي (جِبْرِيلَ) لغات، وكذلك (مِيكائِيل) و(إسْرَافِيل)، وهذه أسماء أعجمية،
1 / 103
فمن قال: (جِبْريل) بكسر الجيم وترك الهمز كان على لفظ (قنديل)، ومن قال: (جَبْريل) بفتح الجيم وحذف الهمز فليس لهذا البناء مثل في كلام العرب، فيكون هذا من باب (الآجر) و(الإبريسم) ونحو ذلك، ومن قال: (جَبْرَئِل) على وزن (جَبْرَعِل) كان على وزن (جَحْمَرِش)، و(جَبْرَئِيل) على وزن (عَنْدَلِيب)، وكلا المذهبين حسن لاستعمال العرب لهما جميعًا.
وقال جماعة من أهل العلم: (جبر) و(ميك) هو العبد بالسريانية و(إيل) هو الله ﷿. وروي عن ابن عباس أنه قال: إنما جبرئيل وميكائيل كقولنا عبد الله وعبد الرحمن، و(جَبْرِيلَ) مفتوح غير مهموز مكي، وبالكسر غير مهموز مدني وشامي وبصري وحفص. أبو بكر مثل
1 / 104
(جبرعل). حمزة والكسائي مثل (جَبْرَعِيل). (مِيْكَلَ) غير مهموز بصري وحفص. نافع بالهمزة مثل (ميكاعل). الباقون مثل (ميكاعيل).
١٠٦ - قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ)، النسخ إبطال الشيء، تقول العرب: نَسَخَتِ الشَمسُ الظلَ إذا أَذْهَبَتْه وحَلَّت محله، فهذا النسخ إلى بدلٍ، لأن الظلِّ يزول ويبطل، وتكون الشمس بدلا عنه، ويجوز النسخ إلى غير بدلٍ وهو رفع الحكم وإبطاله من غير أن تقيم له بدلا، وقرأ ابن عامر (مَا نُنْسِخْ) بضم النون من: أُنْسِخَت الآيةُ أي: وجدتها منسوخة، كقولهم: أحمدتُ الرجلَ وأحْبَبْتُه، وأكذبتُه، وأبخلتُه [أي]: أصبته على هذه الأحوال، فيكون معنى قوله: (نُنْسِخْ): نجده منسوخا، وإنما نجده كذلك [لنسخه إياه]، وإذا كان كذلك كان معنى قراءة ابن عامر كمعنى قراءة من قرأ (مَا نَنسَخ) بفتح النون، يتفقان في المعنى وإنْ اختلفا في اللفظ.
١٠٦ - قوله تعالى (أَوْ نُنسِهَا)، [النسيان] ضد الذكر، والإنساء
1 / 105
منقولة منه، يقال: نسي [الرجل] الشيءَ وأنسيته الشيء: إذا جعلته ينساه. ومعنى الآية: أَنّا إذا رفعنا آيةً من جهة النسخ أو الإنساء لها أتينا بخير من الذي نرفعه بأحد هذين [الوجهين] وهما: النسخ والإنساء، وقد يقع النسخ بالإنساء، وقرأ أبو عمرو (نَنْسَأْها) مفتوحة النون مهموزة من النَّسْء بمعنى التأخير، يقال: نَسَأْت الإبل عن الحوض إذا أَخرتَها، والمعنى: نؤخرها إلى وقتٍ ثانٍ فنأتي بدلا [منها] في الوقت المتقدم بما يقوم مقامها، ومعنى (نَأتِ بِخَيرٍ مِّنْهَا)، أي: أصلح لِمَنْ تُعُبدَ [بها]، وأنفع لهم وأسهل عليهم.
١٢٦ - قوله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا)، فسأرزقه إلى منتهى أجله.
(فَأُمْتِعُهُ) مخفف شامي، وقراءة العامة بالتشديد من (التفعيل) وعليه التنزيل، كقوله (يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا)، (كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، وقرأ ابن عامر: بالتخفيف من الإمتاع، (وأفْعَل) قد يكون
1 / 106
بمعنى (فَعَّل) في كثيرٍ من المواضع، نحو: فَرَّحْتُه وأَفْرَحْتُه.
١٢٨ - قوله تعالى (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا)، قال الزجاج: الأجود كسر الراء؛ لأن الأصل (أَرْئنا)، فالكسرة في الراء إنما هي كسرة همزة ألقيت فطرحت حركتها على الراء، فالكسرة دليل الهمزة، وحذفها قبيح، وهو جائز على بعد؛ لأن الكسرة والضمة تحذفان استثقالا كقولهم في (فَخِذ وفَخْذ وعَضُد وعَضْد)، ومعناه: عَرِّفْنا مُتَعَبَّداتِنا، (وَأَرْنَا) بالجزم مكي ويعقوب.
١٣٢ - قوله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا)، يقال: وَصَّى يُوَصِّي تَوْصِية ووَصَاة، وقرئ (وَأَوْصَى) وهي قراءة أهل الشام، ولهما أمثلة من الكتاب، فمثال التشديد قوله: (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) وقوله: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ). ومثال الإفعال قوله (يُوصِيكُمُ اللَّهُ)
1 / 107
قال الزجاج: (وَصَّى) أبلغ من (أَوْصَى)؛ لأن أوصى جائز أن يكون [قال] لهم مرة واحدة، ووَصَّى لا يكون إلا لمراتٍ كثيرة. [وقوله: (بِهَا)]، قال الكلبي ومقاتل: بكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله).
١٤٨ - قوله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)، قال الزجاج (هُوَ) ضمير (لِكُلٍّ)، والمعنى: هو موليها وجهة أي: مستقبلا بوجهه. وقرأ ابن عامر (هُوَ مُوَلَّاهَا) أي: مصروف إليها، والمعنى: كل وُلّي وِجْهَه.
١٥٨ - قوله تعالى: (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا)، قال الحسن: يعني به الدين كله، وقرأ حمزة (وَمَنْ يَطَّوَّعْ) بالياء وجزم العين، وتقديره: ومن يتطوع، إلا أن التاء تدغم في الطاء لمقاربتها، وهذا حسن؛ لأن المعنى
1 / 108
على الاستقبال والشرط والجزاء، الأحسن فيهما الاستقبال والجزاء، إلا أن اللفظ إذا كان وفق المعنى كان أحسن.
١٦٥ - قوله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ)، يعني في الآخرة حين يعاينون جهنم. تقديره: ولو يرون أن القوة لله جميعًا، والمعنى: ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله وقوته، وجواب (لَوْ) محذوف، وتقديره: لعلموا مضرة اتخاذ [الأنداد]، وكثر في التنزيل حذف جواب (لَوْ)، كقوله: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ)، (ولَوْ تَرَيَ إِذْ وُقِفُوا)، وقرأ نافع وابن عامر (وَلَوْ تَرَى) بالتاء على مخاطبة النبي ﷺ والمعنى: لو تراهم إذ يرون العذاب رؤيَ. وقرأ ابن عامر (يُرَوْنَ) بضم الياء، وحجته قوله: (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ).
١٧٣ - قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ)، أي: أحوج وألجئ، وهو (افتعل) من الضرورة. قال الأزهري: من ضيِّق عليه الأمر بالجوع، وقرئ برفع النون وكسرها، فمن رفع فلإتباع ضمة الطاء، ومن كسر فَعَلَى
1 / 109