Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
فمحله عندما يكون اطراد الحكم القياسي مؤديا لحرج أو مشكلة في بعض المسائل؛ فيعدل حينئذ عنه استحسانا إلى حكم آخر يزول به الحرج وتندفع به المشكلة. وذلك لأن المسائل التي يقاس بعضها على بعض - وإن كانت من جنس واحد وقائمة على أسس مشتركة - قد تختلف نتائجها عدلا وجورا، أو عسرا ويسرا، باختلاف موضوعاتها وما يكتنفها من عوارض وملابسات.
فالاستحسان يكون في مثل هذا طريقا للفقهاء إلى الأحكام المصلحية التي تتفق مع المنطق الفقهي ومقاصد الشريعة، عندما يلوح في اطراد القياس سوء النتائج وهذا النوع من الاستحسان يرجع في الحقيقة إلى نظرية المصالح المرسلة الآتي بيانها في البحث التالي، كما سنرى .ا /4 - أمثلة استحسان الضرورة: ومن أمثلة استحسان الضرورة المسائل التالية: - من المقرر شرعا أن الأمين كالوديع مثلا، إذا هلك لديه مال الأمانة بلا تعد ولا تقصير في حفظه لا يضمن شيئأ من قيمته .
ويستمر القياس كذلك في كل أمانة بيد أمين، كمال الشركة في يدا أحد الشريكين، والمأجور في يد المستأجر، والعارية في يد المستعير الخ... ومن ذلك مال المستأجر في يد الأجير ، فينبغي أن لا يضمن مطلقا إذا تلف بلا تعذ عليه من الأجير ولا تقصير منه في حفظه .
ولكنهم فرقوا في الاستحسان بين الأجير الخاص وهو الذي يبيع وقته جميعا لمستأجره ليعمل عنده ولا يشتغل في فراغه عند سواه، كالخادم والسائس ونحوهما، وبين الأجير العام أو المشترك وهو الذي يبيع عمله في مهنة معينة لكل راغب، كالصباغ والخباز والنجار إلخ.. فقالوا: إن الأجير المشترك إذا هلك مال مستأجره لديه يضمنه استحسانا على خلاف القياس ،
Page 90