250

Al-Madkhal al-fiqhī al-ʿāmm

المدخل الفقهي العام

Publisher

دار القلم

Genres

وسئل عنها ابن شبرمة فأجاب بأن الدينار الباقي يكون مشتركا أنصافا بين الشخصين، لكل منهما نصفه . لأن أحد الدينارين الضائعين هو من مال صاحب الدينارين بيقين فيهلك من حسابه فقط، ويبقى له دينار واحد كما لرفيقه. فالدينار الآخر الضائع هو المشكوك فيه أنه من مال هذا أو ذاك فيهلك عليهما مناصفة؛ فيبقى الباقي بينهما نصفين رر: ضحى الإسلام للأستاذ أحمد أمين 88/2 الطبعة الثانية) .

وهذا بخلاف مالو ضاع دينار واحد فقط، فإن الباقي يكون بينهما ألاثا بالاتفاق، لاحتمال أن يكون الضائع كله عائدا لكل منهما .ا فأبو حنيفة اعتبر الاختلاط سببا للشركة في الملك قياسا على سائر أسبابها، ثم لم يجعل الهلاك معدلأ للحصص، لأنه وقع بعد ثبوت الشركة، فأجرى فيه أيضا قياس هلاك بعض المال المشترك وابن شبرمة نظر إلى أن هلاك دينار واحد يختلف عن هلاك الاثنين ، لما في هلاك الاثنين من علم يقيني بنصيب أحد الشخصين في بعض الهالك، والشك في البعض الآخر، فيعطي اليقين حكمه في بعض الهالك وتعدل الحصص أولا، ثم يجري في البعض الآخر المشكوك على قياس هلاك المال المشترك.

هذان مثلان، أحدهما نصي والآخر قياسي، يعطيان فكرة واضحة عن اختلاف الاجتهادات في فروع الأحكام، ويتبين منهما أن هذا الاختلاف واقع محتم لا مناص منه، وهو في الحقيقة ثروة ثمينة قيمة، ولا سيما إذا أضفنا إلى ذلك ما ينشأ من اختلاف الأنظار الاجتهادية في ميدان الاستحسان والمصالح المرسلة.

5/19 - هذا وإن تلك الاجتهادات الفقهية، على اختلافها الكثير سبتها جميعا إلى الشريعة الاسلامية نسبة صحيحة معتبرة، وإن كانت تلك

Page 274