Al-Madkhal al-fiqhī al-ʿāmm
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
وقد اشتد في أوائل هذا الدور الخلاف بين مدرستي الرأي والحديث، الا م استقر فيه اعتبار الرأي طريقة فقهية صحيحة بحدودها وأصولها الشرعية التي أوضحها أصحابها، ودفعوا بها عن هذه الطريقة الشبهات، بما يبعدها عن معنى القول بالتشهي والهوى المجرد عن الدليل الشرعي .
يقول الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة: لكن الفارق لم يستمر طويلا بين أهل الرأي والحديث، فإن الطبقة
وقد استفاد من مركزه في المدينة الاتصال الدائم بعلماء الآفاق كلها في موسم الحج واجتمع فيه بأبي حنيفة وناظره وقال عنه: "إنه لفقيه" (ر : كتاب "مالك" للأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة، ص/1). ج- والمذهب الشافعي ينسب إلى إمامه محمد بن إدريس الشافعي القرشي. وقد ولدا سنة/150/ ه في غزة، وربي يتيما، ورحل إلى العراق والحجاز، فأخذ عن أصحاب ابي حنيفة وعن مالك. ثم استقر في مصر، وترك آراءه القديمة وأسس مذهبه الجديد ، وتوفي سنة/204/ بالفسطاط. وكان جم المواهب، ويعد مذعبه إلى أمل الحديث اقرب. وقد أنكر على شيخه مالك طريقة الاستحسان.
- والمذهب الحنبلي ينسب إلى إمامه أحمد بن حنبل الشيباني تلميذ الإمام الشافعي وقد ولد ببغداد سنة/164/ ه، وعني بالحديث فبرع فيه واشتهر، ولذا كان مذهبه اكثر اصطباغا بالحديث. توفي سنة/241.
وقد وجد سوى مؤلاء الأربعة مجتهدون أعاظم كثير عددهم متعاصرون ومتعاقبون، كان لهم فقه جليل وآراء قيمة لا يزال بعضها مسجلا في الكتب التي دونت اختلاف الفقهاء. ولكنهم لم يكتب لمذاهبهم الخلود لأسباب، منها: أنهم لم يرزقوا تلاميذ فوي قدرة ونشاط يستطيعون حفغلها ونشرما.
فمن أولئك المجتهدين شيوخ مؤلاء الأئمة الأربعة، أي أساتذتهم، كحماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة، وإبراهيم النخعي، والشعبي شيخي حماد، وكربيعة الرأي وابن شهاب الزمري، ويحيى بن سعيد، من شيوخ مالك.
ومنهم أيضا غير شيوخهم من معاصريهم الكنيرين، كجعفر الصادق، وزيد بن علي زين العابدين، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن شبرمة المعاصرين لأبي حنيفة، وكالليث بن سعد بمصر من أكابر المجتهدين المعاصرين لابي حنيفة ومالك وكان بينه وبين مالاك مقابلات ومراسلات فقهية حفغلت ونشرت. (انظر الرسالتين المتبادلتين بين مالك والليث بن سعد في كتاب فمالاك" للأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة، القسم الأول ف/102/ ص 103 - 114).
Page 199