Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
وقد قسم ابن القيم هذا الرأي إلى صحيح وباطل ومشتبه، وميز بين هذه الأقسام، ونزل عليها بالتوزيع ما ورد عن الصحابة من ذم الرأي تارة، والعمل به تارة أخرى.
غير أن منهاج الفقه في هذا العصر الثاني لم يتبدل عن سابقه، فقدا ظل الفقه، كما كان في عصر الرسالة، واقعيا وعمليا تعالج فيه الحوادث بالتماس أحكامها بعد وقوعها، على وفق ما ترشد إليه نصوص الكتاب والسنة ، وتوحي بفهمه المصالح الإسلامية التي رعاها الشارع 3/11- والشيء البارز الذي يتميز به هذا العصر يتعلق بمصادر الفقه أكثر مما يتعلق بالفقه نفسه، وهو أمران: الأول: استعمال الرأي والقياس بصورة بارزة في استخراج الأحكام لما لم يسبق من الحوادث بسبب مواجهة الاجتهاد.
وقد كان الاجتهاد والرأي في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمارسه الصحابة إلا قليلا وموقتأ كما سبق بيانه.
والثاني: تولد الإجماع، إذ كان منهاج الخليفتين الأولين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما جمع الصحابة في الحوادث، واستفتاءهم، والعمل بما يتفقون عليه كما تقدم.
/11 - منهاج اجتهادات عمر بن الخطاب البارزة في هذا العصر.
وقد تميز هذ العصر أيضا باجتهادات بارزة للخليفة الثاني عمر بن الخطاب في حوادث معينة تجلت فيها لهذا الخليفة العظيم عبقرية فقهية تصلح أن تكون دستورا لمنهاج الفقه الواقعي. فمن ذلك: 1 - منعه عن الأشخاص المؤلفة قلوبهم من الموجودين في عهده ما كانوا يتناولونه من بيت المال من عطاء راتب مع أن سهم المؤلفة قلوبهم في العطاء مقرر بنص القرآن، وقد كان هؤلاء الأشخاص يأخذون بهذا العنوان منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لكن عمر نظر إلى علة النص لا إلى ظاهره، فقد كانت علة إعطائهم
Page 174