Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Publisher
دار القلم
Genres
وفقا لغرض الشارع والقواعد الأصولية في استنباط الأحكام منها. وفي هذا يختلف فهم فقيه عن فهم فقيه آخر. وفهم كل واحد مهما علا قدره يحتمل الخطأ والصواب لأنه غير معصوم. وليس معنى ذلك أنه لا قيمة له ، بل له قيمة عظيمة وتقدير كبير، ولكن المقصود أن ليس له القدسية التي للشريعة نفسها المتمثلة بنصوصها من الكتاب والسنة الثابتة . فالفقه وهو فهم الفقيه ورأيه، ولو كان مبنيأ على النص الشرعي، هو قابل للمناقشة والتصويب والتخطئة، ولكن التخطئة تنصرف إلى فهم الفقيه لا إلى تخطئة النص الشرعي. ومن ثم اختلفت آراء الفقهاء، ورد بعضهم على بعض، وخط بضهما بحضا /8- على أن هناك نقطة مهمة محل اشتباه ينبغي تجليتها والتنبيه عليها، وهي أن الفقه الإسلامي يتضمن نوعين من الأحكام مختلفين في طبيعتهما: - النوع الأول: أحكام قررتها نصوص قطعية الثبوت والدلالة تمثل ارادة الشارع الإسلامي الواضحة فيما يفرضه على المكلفين نظاما للإسلام ملزمأ لهم، لم يترك لتفسيرهم وفهمهم واستنتاجاتهم. وذلك مثل أصل وجوب الصلاة والزكاة وصوم رمضان والوفاء بالعقود، والجهاد بحسب الحاجة وقدر الطاقة، ونحو ذلك مما جاءت به النصوص في الكتاب والسنة المتواترة.
- النوع الثاني : أحكام سكت عنها الكتاب والسنة وتركت للاجتهاد واستنتاج علماء الشريعة، أو جاءت بها نصوص غير قطعية الثبوت أو الدلالة، تحتمل اختلاف آراء العلماء في ثبوتها أو في دلالتها، وهي محل اجتهادهم في فهمها واستنتاج الأحكام منها.
فالفقه الاسلامي ومدوناته تتضمن كلا النوعين هذين. فما قلناه عن الفرق بين الشريعة والفقه منصرف إلى هذا النوع الثاني من الأحكام الفقهية الذي هو استنتاج الفقهاء واجتهادهم في تفسير النصوص المحتملة غير
Page 153