164

Mādhā khasira al-ʿālam bi-inḥiṭāṭ al-muslimīn

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين

Publisher

مكتبة الإيمان

Publisher Location

المنصورة - مصر

Genres

وقد حلل ذلك الأستاذ «جود» تحليلًا فلسفيًا نفسيًا فقال:
«إن العواطف التي هي مشتركة والتي يمكن إثارتها بسهولة هي عواطف المقت والخوف التي تحرك جماعات كبيرة من الدهماء، بدل الرحمة والجود والكرم والحب، فالذين يريدون أن يحكموا على الشعب لغاية ما، لا ينجحون حتى يلتمسوا له ما يكرهه ويوجدوا له من يخافه، وإذا أردتُ أن أوحد الشعوب ينبغي أن أخترع لهم عدوًا على كوكب آخر - على القمر مثلًا - تخافه هذه الشعوب، فلم يعد من دواعي العجب أن الحكومات القومية في هذا العصر في معاملتها لجيرانها إنما تقاد بعواطف المقت والخوف، فعلى تلك العواطف يعيش من يحكمونها، وعلى تلك العواطف يقوى الاتحاد القومي (١» .
الحل الإسلامي لمعضلة الحرب والمناقشات الشعوبية:
إن هذا الحل الذي قدمه الأستاذ «جود» لمشكلة الأمم ومعضلة الحروب والمنافسات الشعوبية حل عادل وتوجيه معقول، فلا تنصرف عداوة الشعوب والأمم بعضها لبعض حتى يكون لها عدو من غيرها تشترك في عداوته وكرهه والمخافة منه. وتتعاون في الحرب معه، ولكن هذا لا يحتاج إلى اختراع وإبداع، ولا يلزم أن يوجد لها عدو على كوكب آخر كالقمر والمريخ، وأنى لهم التناوش من مكان بعيد؟ فالدين ينبه إلى أن هذا العدو للنوع الإنساني ولذرية آدم يوجد على الأرض نفسها، وحق على كل إنسان أن يعاديه ويحترس منه ويتعاون مع بني نوعه في معاداته ومحاربته يقول القرآن: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ .
وقد قسم الإسلام العالم البشري إلى قسمين فقط، أولياء الله وأولياء الشيطان، وأنصار الحق وأنصار الباطل، ولم يشرع حربًا ولا جهادًا إلا ضد أنصار الباطل وأولياء

(١) Guide to Modern Wickedness. p. ١٥٠.

1 / 180