يحر جوابا وعن حال المشوق عمي
فدار البوصيري حول هذا المعنى إذ قال:
عدتك حالي لا سري بمستتر
عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعه
إن المحب عن العذال في صمم (2)
وتشتمل البردة على عدة عناصر: ففي صدرها النسيب، ويليه التحذير من هوى النفس، ثم مدح النبي، والكلام عن مولده ومعجزاته، ثم القرآن والإسراء والمعراج والجهاد، ثم التوسل والمناجاة.
والنسيب في البردة يتصل بالشوق إلى المعالم العربية، وكنت لمت البوصيري على هذا في كتاب «الموازنة بين الشعراء» ثم تبينت أنه اختار تلك المواطن لصلتها بمولد الرسول، وخاصة إذا لاحظنا أن النسيب لم يقصد لذاته حتى يتحدث الشاعر عن هواه في بلبيس أو فاقوس، وإنما هو نسيب وقع موقع التمهيد لقصيدة دينية، ولولا حرص الشاعر على متابعة القدماء في افتتاح القصائد بالنسيب لما كان للتغزل في مثل هذه القصيدة مكان.
ومع أن الشاعر كان فارغ القلب من الصبوات الحسية، فإنا نراه قارب الإجادة في التعبير عن لوعة الوجد حين قال:
أيحسب الصب أن الحب منكتم
Unknown page