لابوهه إيتيوا غنيزو
وتدور الأيام، وما أسرع دورانها! فإذا بي وأنا أحبو إلى الستين، يستوقفني في طريق الحياة شيخ آخر غير شيخ عين كفاع، هو شيخ المعرة المناوح لشيخ عين كفاع. الشيخان توءمان، والتوءمان لا يلتقيان، كما قال شاعر الإنكليز كبلنغ.
إن شيخي هذا بضد ذاك، لا يصدق شيئا مما يصدقه جدي، «ينتحل العقل، كما قال داعي الدعاة أيضا، ويزعم أنه حجة الله تعالى على عباده، مبطلا لجميع ما الناس فيه، مستخفا بأوضاع الشرائع.» وهو القائل:
اثنان أهل الأرض، ذو عقل بلا
دين، وآخر دين لا «عقل» له
إنه لا يعني أن الدين لا عقل له، ولكنه يريد أن يقول، وهذا الذي يفهم من كلامه في رسالة الغفران: إن الدين يهمل عقله ولا يحكمه في دينه ومعتقده فيمضي على آثار السلف.
لست أحدثك عن آراء شيخي الجديد فقد مرت بك كلها، ولا يجوز أن نقلل من قدرك فندلك على الفرق ما بين شيخي. إنه لواضح، ولكني أريد أن تفهم عني أن شيخي مختلفان متفقان؛ متفقان سيرة وسريرة ونسكا، ومختلفان كل الاختلاف في الطريق التي تؤدي إلى الطاحون؛ فجدي لا يعرف إلا أن المسيح قال: أنا هو الطريق والحق والحياة. وأبو العلاء يعتقد ما عرفت.
كلا الشيخين ناسك متقشف يخاف ربه، وكلاهما علمني أن أسمى ما يسعى إليه المرء هو أن يتقي الله ويعمل الخير، لا طمعا بالنعيم ولا خوفا من الجحيم.
أحسن الله جزاء شيخي، وعسى أن يجمعني بهما - إن صح للأموات وشك التقاء - كما قال شيخي اليوم، وأن يجملني في آخر العمر بما جملها به من خير وصدق ومحبة.
كان شيخي الأول لاهوتيا قديرا في عصره، لا يحيد قيد شعرة عن الأنطوين وألفونس ليكوري، وتوما الأكويني، وعما أقرته وأثبتته وتقره وتثبته روما العظمى من تعاليم، ولا يصغي إلا إلى دعوة القلب.
Unknown page