قد تدخل عقلي أفكار أبي العلاء الزهدية حين أشبع ميولي، أما حين أنشط فأراه أخا البوم ينعب ولا يتعب.
إني لأكره النوح والنعيب، وأحب الفن راقصا في كل زمان ومكان حتى على القبور؛ فليتني أودع بطبل وزمر، فأدخل ذاك الباب بين أجواق الزامرين والراقصين، ولا أودع وداع يأس كما زعم هو ...
لست ألوم الشيخ إن قال:
ضجعة الموت رقدة يستريح ال
جسم فيها والعيش مثل السهاد
ربما كان صادقا، ولكن لا؛ فشعره غير مصداق لقوله، ورحم الله أستاذه أبا الطيب إذ أجابه عنا:
وإذا الشيخ قال أف فما مل
حياة ولكن الضعف ملا
لقد كان أبو الطيب يلم من كل فن بطرف؛ فللغيد عنده ساعة ثم تنقضي، أما أبو العلاء فيريد أن يجذبنا صوبه فما مثله إلا كمن ينادي: «ترمس أحلى من اللوز!»
هيه! يا أبا النزول، فليصدقك غيري، أما أنا فلست أذوق ترمسك ما استطعت أكل اللوز والجوز ...
Unknown page