261

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

وأيضا: أن السيد إذا قال لعبده: "إذا دخلت السوق فادخل على فلان وقل له كذا وكذا" فهذا لا يفيد الأمر بالفعل إلا مرة واحدة.

قال الفخر: واعلم أن مذهب داود في مسألة الطلاق غير معلوم، فلعله يلتزم العموم، وأيضا فله أن يقول: إنا قد دللنا على أن كلمة (إذا) في هذه الآية يفيد العموم؛ لأن التكاليف الواردة في القرآن مبناها على التكرير، وليس الأمر كذلك في الصور التي ذكرتم، فإن القرائن الظاهرة دلت على أنه ليس مبنى الأمر فيها على التكرير.

- والوجه الثاني: ما روي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة إلا يوم الفتح فإنه صلى الصلوات كلها بوضوء واحد». قال عمر - رضي الله عنه - فقلت له في ذلك، فقال: «عمدا فعلت ذلك يا عمر».

أجاب داود: بأن خبر الواحد لا ينسخ القرآن، وأيضا فهذا الخبر يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مواضبا على تجديد الوضوء لكل صلاة، وهذا يقتضي وجوب ذلك علينا لقوله تعالى: {واتبعوه}.

قلنا: لا نسلم أنه نسخ، وإنما هو بيان لحكم الآية، والبيان يثبت بالآحاد كما يثبت بغيره، ولا نسلم أن الخبر يقتضي وجوب تكرار الوضوء؛ لأنه إنما كرر ذلك - صلى الله عليه وسلم - رغبة في زيادة الأجر، فقد نقل عنه أن كان يسبغ الوضوء لكل صلاة ويقول: «الوضوء على الوضوء نور على نور»، وإنما «صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد» لبيان جواز، والله أعلم.

قال داود: سلمنا أن التعارض وقع بين مدلول الآية والخبر، فالترجيح حاصل من وجوه:

Page 34