226

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

قلت: ومعنى كلام بشير أنه لا يعلم أن أصحابنا يختلفون في تقديم النية على الفرائض، أي: إذا أراد الإنسان أن يفعل فريضة بعينها فلا يعلم أن أحدا من أصحابنا أوجب عليه أن يقدم النية على فعل الفريضة، أي: لا يلزمه قبل العمل، وإنما يلزمه حال الدخول في العمل، وهذا مما لا نعلم فيه خلافا أيضا.

فأما ما ذكره الشيخ أبو سعيد -رحمه الله تعالى- فإنما هو في نية فعل الطاعات عموما لا من حيث التفصيل، أي: يلزمه أن يعتقد فعل جميع الطاعات لله تعالى من فرائض وغيرها إذا قدر على ذلك، ولا يلزمه أن يقدم نية الأداء في شيء بعينه قبل الدخول فيه، والله أعلم.

ومما يسأل عنه القاضي أبو سليمان هلال بن سعيد وما تقول: هل يجوز أن يذكر الله تعالى بلا معنى ولا اعتقاد، أو يفعل فعلا بلا اعتقاد أو فعل، أو تكلم بغير نية، يأثم أم لا؟

قال: لا يجوز أن يلفظ بشيء لا معنى له، فإن ما لا معنى له يكون لغوا لا طاعة، فقد قيل: يكون سيئة، والله أعلم. ويوجد: أنه من خرج من بيته بغير نية فهو كبيرة.

وقيل: إنه إذا مات مات هالكا إذا خرج بلا نية ولا معنى.

ووجه هذا كله: أن الإنسان قد أنعم الله عليه بالصحة والعافية، ومن عليه بسلامة الجوارح، وأمره أن يستعملها في طاعته لقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فإذا لم يستعملها في طاعته فيما أمر به صار عاصيا لمخالفته هذا الأمر، وبالعصيان يكون هالكا.

وأقول: إنه لا ينبغي أن يحكم بهلاكه ولا بفسقه ما لم يقصد بذلك معصية الله تعالى.

Page 227