199

Maʿānī al-Qurʾān wa-iʿrābihi

معاني القرآن وإعرابه

Editor

عبد الجليل عبده شلبي

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى ١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

بيروت

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)
فهذه الآيات تدل على أنه واحد ﷿ فأما الآية في أمر السماءِ فمن
أعظم الآية لأنهها سقف بغير عمد، والآية في الأرض عظيمة فيما يُرى من
سهْلِها وجبلِها وبحارها. وما فيها من معادن الذهب والفضة والرصاص والحديد اللاتي لا يمكن أحد أن ينشئ مثلها، وكذلك في تصريف الرياح، وتصريفها أنها ِتأتي من كل أفق فتكون شمالًا مرة وجنوبًا مرة ودبُورًا مرة وصبا مرة، وتأتي لواقح للسحاب.
فهذه الأشياءُ وجميع ما بث الله في الأرض دالة على أنه واحد.
كما قال ﷿: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) - لا إله غيره لأنه لا يأتي آت بمثل هذه الآيات (إلا واحدًا).
* * *
وقوله ﷿: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (١٦٥)
فأعلم أن بعد هذا البيان والبرهان؛ تُتخذ من دونه الأنداد.
وهي الأمثال، فأبان أن من الناس من يتخذ نِدُّا يعلم أنه لا ينفع ولا يضر ولا يأتي بشيء مما ذكرنا، وعنَى بهذا مشركي العرب.
* * *
وقوله ﷿: (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ).
أي يُسَوُّون بين هذه الأوثان وبين اللَّه ﷿ في المحبة.
وقال بعض النحويين، يحبونهم كحبكم أنتم للَّهِ - وهذا قول ليس بشيء - ودليل نقضه قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)
والمعنى أن المخلصين الذين لا يشركون مع اللَّه غيره
هم المحبُّون حقًا.

1 / 237