ـ[المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة]ـ
المؤلف: محمد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثي الصردفي الريمي، جمال الدين (المتوفى: ٧٩٢هـ)
تحقيق: سيد محمد مهنى
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى، (١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م)
عدد الأجزاء: ٢
أعده للشاملة/ أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
Unknown page
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إن الحمد للَّه نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ باللَّهِ من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١).
أما بعد:
فإن الله ﷿ أراد بهذه الأمة خيرًا حين قيَّض لها أئمة هداة صالحين، جعلوا نصب أعينهم قول الحبيب ﷺ: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". وقد لقى الفقه الْإِسْلَامى من عناية هؤلاء النفر من العلماء وحرصهم ودأبهم وإخلاصهم ما يسر الله به لكل ذي حاجة طلبها ولكل ذي مسألة جوابها. وكان من ذلك نقل الصحابة رضى الله عنهم أحاديث النبي ﷺ والعمل بمدلول ألفاظها وما تقتضيه، فكانوا أئمة هداة، ونقلت أقوالهم وفتاويهم وحفظت عن طريق أتباعهم وتلاميذهم، فحفظوا أقوالهم وأفتوا، لأنهم خير من فهم عن رب العزة وعن نبيه ﷺ وصارت فتاويهم وأقوالهم نبراسًا لمن بعدهم من التلاميذ والاتباع، فتوارث الأتباع جهد المتبوعين وعلمهم، ثم توارث أتباع الأتباع علم الأتباع وأقوالهم التي خرجت من المشكاة الأولى فحفظوها وتداولوها إلى أن وصل علمهم أئمة فقهاء جهابذة ناصرين للسنة وقامعين للبدعة، وهؤلاء هم الإمام أبو حَنِيفَةَ ﵀، والإمام مالك ﵀، والإمام العلم القدوة الشَّافِعِيّ ﵀،
1 / 3
والإمام المبجَّل، إمام أهل السنة ناصر الحديث وقامع البدعة الإمام أَحْمَد بن حنبل عليه رحمة الله، فحفظ هؤلاء علمهم، واستناروا بأفهامهم وأقوالهم، مع حيازتهم التامة لأدوات الاستنباط وعلوم الاستدلال فجاء علمهم محكمًا متينًا.
ومن تمام فضل اللَّه علينا أن قيَّض لنا علماء حفظوا أقوال هؤلاء الأئمة ونقحوها وبينوا مشكلها والصحيح، وما كان ذلك إلا بعد جهد جهيد وعمل مضن شديد، سهروا من أجله الليالى، وطووا لأجله المفاوز، فحفظ اللَّه لهم جهدهم وأفاد الله الخلق بعلمهم، فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء.
ومن هؤلاء الأئمة الذين اهتموا بجمع أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المقتدين:
١ - الإمام العلامة المحقق المتقن الحافظ المفسر الكبير الشأن ابن المنذر ﵀ فى كتابه الأوسط، وهو بحق كتاب الْإِسْلَام الذي من وعاه كان إمامًا في الْإِسْلَام.
٢ - الإمام الكبير مُحَمَّد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء.
٣ - كذلك ابن المنذر في كتابه الإشراف على مذاهب الأشراف، واختلاف الفقهاء.
٤ - كذلك الإمام الحافظ المجتهد مُحَمَّد بن نصر المروزي في كتابه اختلاف الفقهاء.
٥ - كذلك الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه اختلاف الفقهاء.
٦ - كذلك الإمام سيف الدين القفّال الشاشي في كتابه حلية العلماء.
٧ - كذلك القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف. وغيرها كثير.
٨ - كذلك الإمام الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح.
٩ - والإمام المبجل المحقق العلامة موفق الدين بن قدامة في كتابه العظيم المغني.
١٠ - والإمام المحقق الحافظ ابن حزم الأندلسي في كتابه الكبير المحلَّى.
ثم جاء خاتمة هؤلاء وهو الإمام الريمي في كتابه "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة" فضمن كتابه كل ما جمعه هؤلاء الأئمة واعتمد عليهم وأتى ما تفرق في كتبهم فكان كتابًا جامعًا وأضفى على التراث الْإِسْلَامى المجيد لبنة جديدة في لبناته الشامخة.
1 / 4
منهج الإمام الريمي في الكتاب
١ - ذكر الإمام الريمي في بداية الكتاب أنه رتبه على ترتيب المهذب للشيخ الإمام العلامة أبي إِسْحَاق الشيرازي، إلا أنه خالف أحيانًا وسار على ترتيب الحلية للقفال الشاشي.
٢ - كما ذكر أنه سيبدأ بالشَّافِعِيّ في بداية كل مسألة، وهذا طبعًا لأنه شافعي، وكأنه لتقرير المذهب الشَّافِعِيّ أولًا.
٣ - قليل ما كان يعلق الإمام الريمي على المسائل لأنه ذكر في مقدمة الكتاب أنه أعرض عن ذكر الأدلة، وهذا طبعًا يقتضي قلة التعليق.
٤ - لم يهتم الإمام بتفسير الألفاظ المبهمة إلا القليل النادر.
٥ - اعتمد الإمام في ذكر المذاهب على الشاشي وابن الصباغ في كتابه الشامل وكذلك ابن أبي الخير العمراني في كتابه البيان، وكذلك صاحب الدر الشفاف.
٦ - كذلك اعتمد في نقل مذاهب الصحابة والتابعين على كتب ابن المنذر، وإن لم يصرح بذلك، إلا أني كنت أجد هذه النقولات كما هي في كتاب الأوسط لابن المنذر.
هذا وأرجوا من اللَّه السميع العليم أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثيبنى عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأرجو أن أكون وفقت في تخريج الكتاب في صورة طيبة، ولا يدعى أحد لنفسه الكمال، إنما الكمال لله وحده، فمن وجد خطأ فليصوب ويسامح، ومن وجد صوابًا فأرجو من الله وحده الثواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه الفقير إلى عفو ربه
سيد مُحَمَّد مهنى
1 / 5
عملي في الكتاب
١ - قمت بفضل الله تعالى بنسخ المخطوط حسب القواعد الإملائية المتعارف عليها.
٢ - قمت بإصلاح بعض الأخطاء التي قد تكون سبق يد من الناسخ كتكرار كلمة أو كتابتها زائدة حرفًا أو ناقصة حرفًا كالكوسج كتب والكوشى وغيرها. وقد اعتمدت في قراءة بعض الكلمات الصعبة على المراجع التي اعتمد عليها المؤلف نفسه كحلية العلماء وغيره.
٣ - قمت بتخريج وعزو الأقوال لأصحابها، وذكرت عند الاختلاف في العزو نص الكتب التي ذكرت قول الإمام سواء كان الشَّافِعِيّ أو غيره من الصحابة والأئمة، وذلك حسب الجهد والوقت.
٤ - كما قمت بالتعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى البسط، وعندما وجدت كلامًا لأحد الأئمة وهو الحق في المسألة فكنت أذكره كشيخ الْإِسْلَام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن المنذر وابن قدامة والماوردي ﵏ جميعًا -.
٥ - كما قمت بشرح بعض الألفاظ الغامضة والمبهمة، واعتمدت في ذلك على لسان العرب وترتيب القاموس وغيرهم.
توثيق الكتاب
لا شك في نسبة الكتاب للإمام الريمي، فقد جاء في غلاف المخطوطة ما نصه: كتاب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة للإمام الهمام الكامل العامل المحقق المتقن جمال الدين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن أبي السعود المشهور بالريمي. كما ذكره كل من ترجم له كالحافظ ابن حجر، وابن العماد، وصاحب هدية العارفين، والزركلي.
* * *
وصف المخطوطة
المخطوطة تقع في ٢١٦ ورقة من القطع الكبير، وهو واضحة الخط مقروءة، وإن كان فيها بعض الكلمات الصعبة التي بفضل الله استطعت قراءتها. وتاريخ نسخها سنة (٨٠٧ هـ) وهي بخط قلم معتاد مهملة النقط أحيانًا، وعلى حواشيها بعض التعليقات مذكور في أغلبها مذهب أهل البيت. وهي محفوظة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء (كتب الوقف) ٦٦٠ أئمة المذاهب وغيرهم.
1 / 6
ترجمة المصنف
اسمه: ترجم له الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بقوله: مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثى -بمهملة ومثلثتين مصغر- الصردفي.
وقال ابن العماد في الشذرات: مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي بكر، وذكره فى الدرر أيضًا بمثل ما ذكره في إنباء الغمر. وقال في الأعلام: مُحَمَّد بن عبد الله.
كنيته: وكناه في الدرر بقوله أبو عبد الله.
لقبه: يلقب بـ "جمال الدين" كما ذكر الحافظ وابن العماد والزركلي.
نسبه: قال الحافظ: الصردفي الريمي، وكذا ذكر ابن العماد، وكذا الزركلي - رحمهم الله تعالى -.
وصردف: بلد في شرق الجند من اليمن.
وريمة: قال ياقوت: بفتح الراء، ريمة الأشابط: مخلاف باليمن كبير. وريمة أيضًا: من حصون صنعاء لبني ربيد غير الأول، والظاهر أنها التي منها الإمام الريمي، لأنه ذكر في الصفحة الأولى من المخطوط أنه ربيدي مسكنًا.
مولده: ولد الريمي سنة ٧١٠ هـ كما ذكر ذلك الحافظ،.
شيوخه: لم تسعفني المصادر التي وجدت فيها ترجمة الريمي عن شيء من شيوخ الريمي الذين أخذ منهم إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر، قال: وتفقه على جماعة من مشايخ اليمن وسمع الحديث من الفقيه إبراهيم بن عمر العلوي.
تلاميذه: كذلك لم تسعفني المصادر بشيء من تلاميذ الريمي إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر في الدرر، قال: وكثرت طلبته ببلاد اليمن واشتهر ذكره وبعد صيته.
ثناء العلماء عليه:
قال ابن العماد: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه.
وقال الحافظ ابن حجر: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه، وكأن ابن العماد نقل هذه الجملة عن الحافظ ابن حجر - رحمهما الله.
توليه القضاء:
قال الحافظ: ولي قضاء الأقضية بزبيد دهرًا من ذي الحجة سنة تسع وثمانين إلى أن
1 / 7
مات في أواخر المحرم، وقيل في أول صفر.
مؤلفاته:
١ - المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة، وهو كتابنا هذا، ووقع في إنباء الغمر والشذرات: المعاني الشريفة، ولكن كتب على غلاف المخطوطة المعاني البديعة، وكذا ذكره بهذه التسمية صاحب كشف الظنون.
٢ - شرح التنبيه لأبي إِسْحَاق الشيرازي، وسماه في الأعلام وكشف الظنون التفقيه فى شرح التنبيه، ذكر الحافظ أنه يقع في أربعة وعشرين سفر، وذكر في الدرر "وشرح التنبيه في نحو من عشرين مجلدًا".
وذكر الحافظ وابن العماد أن الملك الأشرف أثابه على إهدائه إليه أربعة وعشرين ألف دينار ببلادهم، يكون قدرها ببلادنا أربعة مثقال ذهبًا.
٣ - خلاصة الخواطر، ذكره الحافظ في الإنباء.
٤ - بغية الناسك في المناسك، ذكره الحافظ أيضًا.
٥ - اتفاق العلماء، ذكره صاحب هدية العارفين.
٦ - المضان، ذكره صاحب هدية العارفين أيضًا.
وفاته:
توفى الريمي سنة ٧٩٢ كما ذكر ذلك صاحب هدية العارفين، الزركلي في الأعلام، والحافظ في الإنباء، إلا أن الحافظ في الدرر ذكر أنه توفى سنة ٧٩١ فالله أعلم.
حادثة وقعت للإمام الريمي ﵀:
قال الحافظ في إنباء الغمر: قال لي الجمال المصري: كان الرَّيمي كثير الإزدراء بالنووي، فرأيت لسانه في مرض موته، وقد اندلع لسانه واسود، فجاءت هرة فخطفته، فكان ذلك آية للناظرين، رب سلِّم.
مصادر الترجمة:
١ - إنباء الغمر بأنباء العمر (٣/ ٤). ط/ دار الكتب العلمية. للحافظ ابن حجر.
٢ - الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر (٣/ ١٠٦). ط / دار الكتب الحديثة.
٣ - الأعلام للزركلي (٦/ ٢٣٦). ط/ دار العلم للملايين.
٤ - شذرات الذهب لابن العماد (٥/ ٣٢٥). ط/ دار الفكر.
٥ - هدية العارفين (٦/ ١٧٣). ط/ دار الكتب العلمية.
1 / 8
صور المخطوط
1 / 9
[مقدمة المصنف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وبه نستعين وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وسلم
الحمد لله الذي رفع أقدار العلماء وشرفها بمعاليها الذاتية والاسمية. ونور بمانيرهم بالعلوم الشرعية والحكمية. وأيدهم بالحقائق العلمية والفقهية، ونزههم بفضله عن الأمور الوهمية.
نحمده حمد من فاز بالأمنية والقسمية.
ونشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادة تمحو الحادثات الإثمية.
ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بشرف الهمة والحمية، صلى الله عليه وعلى آله ما أشرقت الأنوار الشمسية والنجمية.
أما بعد: فإنه لما كان خلاف العلماء في الشريعة المطهرة واقعًا بين الصحابة والتابعين والأئمة المهديين ﵃ أجمعين. كان ذلك من اتساع الرحمة، وتيسيرًا من الله تعالى للأمة. قال اللَّه تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وقال ﷺ: "بعثت بالحنيفية السمحة السهلة" وقال ابن عَبَّاسٍ رضى اللَّه عنه "الرحمة صدقة من الله تعالى فلا تردوا على اللَّه صدقته".
وقيل: إن الله تعالى يحاسب العبد على أيسر الوجوه.
ولما نظرت في كتاب ابن حزم ﵀، الذي جمعه في إجماع الأئمة، وأورد ما فيه الخلاف ظاهرًا، وادعى الوفاق فيه، وأورد ما فيه الوفاق ظاهرًا، وادعى الخلاف فيه.
وجاء في كل من الأمرين بما ينافيه، وقد نبهت على ذلك في نسختي منه بالحواشي إزاء المسائل التي ذكرها في الكتاب. وجئت بما فيه إن شاء الله تعالى عين الصواب، رجاء فضل اللَّه وجزيل الثواب.
أحببت أن آتي بكتاب فيه الخلاف بين الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة ﵃ أجمعين، وإلى نحو ذلك بالأقوال القوية الأكيدة. والوجوة الضعيفة البعيدة،
1 / 11
لئلا تحرج الأمة، ولا يقع مسكين في غياهب الظلمة.
وسميته: "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة".
كتابًا شافيًا، وكلامًا وافيًا، يحتوي على الكمال ويبعد عن مقاربة الإشكال، ورتبته على ترتيب المهذب للشيخ أبي إِسْحَاق الشيرازي تبركًا به. وجعلت أول كل مسألة ميمًا بالحمرة علامة لأولها، وانفصالًا عما يقدمها، ليسهل على الطالب.
وأهملت ذكر دلائل الترجيح. إذ عند كل من الأئمة أن نظره الصحيح، فلا حاجة إلى ذكر التفصيل والتصحيح. وإنَّما اعتمدت في الترتيب على الشيخ أبي إِسْحَاق المذكور، لأنه في الشَّافِعِيَّة من الصدور، وبدأت بذكر الشَّافِعِيّ في المسطور، وتوكلت على الله في كل الأمور وأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، والهداية إلى أرشد طريق التحقيق، إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك.
ثم اعلم أن السبب الذي أوجب الخلاف بين العلماء، وإن كان الكتاب واحدًا والنبي ﷺ واحدًا، إنما هو في الطريق المؤدية إلى الحق لا في الحق نفسه، والموجب لذلك في كل مسألة يطول شرحه، ونحن نشير إلى ما تيسر من ذلك.
وهو ثمانية أسباب:
وكل ضرب متولد منها، ومتفرع عنها:
الأول: اشتراك الألفاظ مثل لفظ القرء في الآية، لأن العرب تطلقه تارة على الطهر وتارة على الحيض، وغير ذلك من الألفاظ الواقعة على الشيء وضده، وكذا لفظ الأمر هل يحمل على الوجوب أو الندب، ولفظ النهي هل يحمل على التحريم أو كراهة التنزيه، وكذا اشتراك المعاني كاللمس فإن العرب تطلقه تارة على اللمس باليد، وتارة تكنى بها عن الجماع، فحمله الشَّافِعِيّ ﵁ في الآية على اللمس باليد، فينقض به الوضوء في لمس الأجنبية، وحمله أبو حَنِيفَةَ على الجماع فلم ينقض الوضوء إلا بذلك.
الثاني: الحقيقة والمجاز، مثل لفظ النكاح هل هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو عكس ذلك، أو مشترك.
الثالث: إطلاق اللفظ أو تقييده مثل تقييد الرقبة في العتق بالإيمان تارة وإطلاقها أخرى.
1 / 12
الرابع: ما يعرض من جهة العموم والخصوص.
الخامس: ما يعرض من قبيل الرِّوَايَة، كالإرسال والرفع والإسناد، وغير ذلك مما يقدح فيها.
السادس: ما يعرض من قبيل القياس فيما عدم النص فيه من الكتاب وهو أشهر الأسباب وبه قطع البندنيجى في خطبة كتابه.
السابع: ما يعرض من جهة النسخ، كالخلاف في الأخبار، هل يجوز نسخها كالأمر والنهي أم لا؟ وهل يجوز نسخ السنة بالقرآن وبالعكس أم لا؟ وكالخلاف في مواضع في القرآن والسنة، ذهب بعضهم إلى نسخها، وبعضهم إلى عدمه.
الثامن: ما يعرض من قبيل الإباحة كالخلاف في القراءات السبع، والتكبير على الجنازة، وتكبير أيام التشريق، ونحو ذلك.
فهذه أسباب الخلاف الواقع بين العلماء لا يسع أحد جهلها ولم يخل منها هذا الكتاب. والله الموفق للصواب.
* * *
1 / 13
كتاب الطهارة
باب المياه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، والطاهر: هو الطاهر في نفسه غير مطهر لغيره. وعند الأصم وبعض الحنفية وأبي بكر بن داود الطهور والطاهر بمعنى واحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجزئ إزالة النجاسة بشيء من المائعات، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز.
1 / 14
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الوضوء بشيء من الأنبذة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، وعند الثَّوْرِيّ والحسن والْأَوْزَاعِيّ يجوز إذا عدم الماء في السفر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الأصح عنه. وعند مُحَمَّد نجمع لذلك بين الوضوء به والتيمم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء لا يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بالمائع الطاهر، وعند ابن أبي ليلى والأصم يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بماء البحر، وعند عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو لا تجوز عند عدمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تكره الطهارة بما قصد إلى تشميسه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد لا يكره وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة واختاره النواوي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره الطهارة بالماء المسخن وعند مجاهد يكره، وعند أَحْمَد إن سخن بوقود نجس كره وإن سخن بطاهر فلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع البرد والثلج على أعضاء الطهارة وهو صلب لا يحل منه الماء لم يجزئه، وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئه.
1 / 15
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره رفع الحدث بماء زمزم وعند أَحْمَد يكره في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر العلماء لا يكره الطهارة بما تغير بطول المكث، وعند ابن سِيرِينَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بالماء المتغير أحد أوصافه بالطاهر ما لم يرد إجراؤه على أجزائه، أو يثخن بحيث يمنع من جريانه، وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وعند الزُّهْرِيّ إذا بل فيه كسر الخبز جاز والوضوء به تغير أو لم يتغير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة في تنجيسه قَوْلَانِ: أصحهما لا ينجس، وبه قال الْمُزَنِي وأبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعامة العلماء، والثاني: ينجسه، وبه قال مُحَمَّد بن المنكدر ويَحْيَى بن أبي كثير.
1 / 16
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ موت الضفدع والسرطان في الماء يفسده إذا كثر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفسده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رفع الحدث بالماء المستعمل في فرض الطهارة، وبه قال مالك في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم، وعند الحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وداود ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يجوز، وبه قال مالك في الرِوَايَة الصحيحة، والشَّافِعِيّ في قول قديم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الماء أقل من قلتين وهو راكد ووقعت فيه نجاسة نجسته وإن لم يتغير، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس إلا إذا تغيَّر، وعند ابن عباس وحذيفة وأبي هريرة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى وجابر ابن زيد وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وداود والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ، واختاره ابن المنذر أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وسواء كان قليلًا أو كثيرًا، وعند عبد الله بن عمر ومُحَمَّد بن المنكدر إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس، وعند مَسْرُوق والحسن بن صالح بن حُيي والْإِمَامِيَّة إن كان كثيرًا لم ينجس، وعند ابن سِيرِينَ إن كان كرًا نجس، وعند ابن عبَّاس إذا كان الماء ذنوبين لم ينجس، وعند عكرمة أيضًا إن كان ذنوبًا أو ذنوبين لم ينجس، وعند الزُّهْرِيّ إذا كان أربعين دلوًا لم ينجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر
1 / 17
الزَّيْدِيَّة وأبي العبَّاس وعَطَاء كلما وصلت إليه النجاسة، أو غلب على الظن وصولها إليه حكم بنجاسته وإن لم يتغير، سواء كان قليلًا أو كثيرًا، قال أبو حَنِيفَةَ: والطريق إلى معرفة وصولها إليه إن كان الماء إذا حُرِّك أحد جانبيه تحرك الجانب الآخر، فإن النجاسة إذا حصلت في أحد جانبيه غلب على الظن أنها وصلت إلى الجانب الآخر، وإن كان لا يتحرك الجانب الآخر لم يغلب على الظن وصولها إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو كان هناك قلتان منفردتان، في كل قلة واحدة منهما نجاسة، فخلطتا وهما غير متغيرتين أو كانتا متغيرتين وهما منفردتان فخلطتا، وزال التغير حكم بطهارتهما، وعند الحنفية والحنبلية لا يحكم بطهارتهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الماء المستعمل في الأحداث طاهر يجوز شربه واستعماله في غير الطهارة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة ونصره مشايخ بلخ، وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أنه نجس وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، ونصره مشايخ بلخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وعند إِسْحَاق القلتان ست قرب، وعند أَبِي ثَورٍ خمس قرب ولم يذكر صغارًا ولا كبارًا، وعند أبي عبيد القلال هى الحباب، ولم يحدوها بشيء، وعند عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويَحْيَى بن
1 / 18
آدم القلة هي الجرة، ولم يحدوها بشيء، وعند الثَّوْرِيّ القلة هي الكوز، وعند بعض أهل اللغة هي مأخوذة من استقلال الإنسان بحمله، وأقله إذا أطاقه وحمله، ولذلك تسمى الكيزان قلالًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقعت في الماء الكثير نجاسة ولم تغيره فهو طاهر موضع النجاسة وغيره، سواء كان الماء جارٍ أو راكد، وعند سائر الزَّيْدِيَّة موضع النجاسة ينجس وما جاوره، أو جاور مجاوره، وأما المجاور الثالث فيكون طاهرًا، وإنَّما يعرف المجاور الثاني والثالث بقدر النجاسة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد، إلا أن عندهما أن المجاور الثاني طاهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقع في بئر نجاسة فالحكم فيها إن تغير الماء نجس، وكذا إن كان دون قلتين نجس وإن تغيّر، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس، وعند علي وابن الزبير وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أنها تنزح ما لم تغلب، وعند الحسن والثَّوْرِيّ في الإنسان يموت في بئر تنزح كلها، وعند أَحْمَد إذا كان الماء يمكن نزحه ووقع فيه بول الآدميين وعذرتهم المائعة فإنه ينجس بكل حال تغير أو لم يتغير في أصح الروايتين، ولا فرق عنده بين أن يكون قلتين أو أكثر، وعند عَطَاء في الجرذ تنزح عشرون دلوًا إن لم ينفسخ، وإن تفسَّخ فأربعون دلوًا، وعند النَّخَعِيّ في الفأرة تنزح
1 / 19
أربعون دلوًا، وعند الشَّافِعِيّ في الدجاجة تنزح تسعون دلوًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الفأرة والعصفور تخرج حين تموت ويستقى عشرون أو ثلاثون، وإن كان سنورًا أو دجاجة أخرجت حين موتها ينزح أربعون دلوًا أو خمسون. وإن كانت شاة فانزحها حتى يعليك الماء، فإن انتفخ شيء من ذلك أو تفسَّخ فانزحها، وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث في الماء المغير إذا وجد فيه ميتة ولم يتغير الماء استقى منه دلوًا، وإن تغير طعمه أو ريحه استقى منه حتى تصفو أو يطيب، وعند الثَّوْرِيّ في الوزغ تقع في بئر ينزح منها دلوًا، وعند الْإِمَامِيَّة أن ماء البئر تنجس بما يقع فيها من النجاسة، وإن كان كرم ويطهر ماءها بنزح بعضه.
* * *
1 / 20
بابُ الشكِ في نَجَاسَةِ المَاءِ والتَحَرِي فيهِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا لم تأكل الهرة نجاسة جاز الوضوء بسؤرها ولم يكره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سؤر البغل والحمار طاهر فيجوز الوضوء به، وعرقه طاهر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ سؤرهما مشكوك فيه، فلا يجوز الوضوء به عند وجود غيره، وعرقهما نجس، وعند أَحْمَد سؤرهما نجس في أصح الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره سؤر الفرس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويَحْيَى وسعيد والثَّوْرِيّ وبكير الأشج سؤر السباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير، وبه قال مالك، إلا أنه لا يترك سؤر الكلب لنجاسته وإنما استحسانًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد سؤرها كلها نجس إلا الهرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا اشتبه عليه الماء الطاهر بالنجس، أو الثوب الطاهر بالنجس جاز له التحري في ذلك سواء كان عدد الطاهر أكبر أو النجس، أو كانا سواء، وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود لا يتحرى في المياه، ولا في الثياب، بل
1 / 21
ينتقل في المياه إلى التيمم، وبه قال أَحْمَد في المياه، وعنه في التيمم قبل إراقة الماء رِوَايَتَانِ، وقال في الثياب: يصلي في كل واحد منها بعدد النجس وزيادة صلاة، وعند الْمَاجِشُون ومُحَمَّد بن مسلمة يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالثاني ويصلي، وكذا في الثياب يصلي بكل واحدة منهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتحرَّى في الثياب، وكذا في المياه إن كان عدد الطاهر أكثر تحرى فيها، وإن كانا سواء، أو عدد النجس أكثر لم يتحرّ وبه قال جماعة من الحنابلة، واختلف أصحاب مالك، فمنهم من جوز التحري، ومنهم من منعه، وقالوا: يتيمم، ومنهم من قال: يصلي بطهارة من كل إناء، ومنهم من قال: يتوضأ ويصلي، ثم يعود فيغسل الأعضاء بالإناء الآخر ويتوضأ ويصلي، وهكذا في جميع الأواني، وعند مالك لا ينجس الماء إلا إذا تغيّر أحد أوصافه كما سبق، وعند يَحْيَى القطان وابن المنذر يتوضأ بهما، وبكل واحد منهما إذا لم يتغير الماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ بماء نجس، ثم علم به أعاد الوضوء والصلاة بعد غسل ما أصابه من الماء النجس، وعند مالك يعيد في الوقت ولا يعيد بعد خروجه.
1 / 22