Makānī al-akhbār
مcاني الأخبار
Editor
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
بيروت / لبنان
فَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ح إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ السِّرْمَارِيُّ ﵀ قَالَ: ح أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ح عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي غَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ: أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ شَهَادَةَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنٌ يَسْتَوِي حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَازِي الْإِيمَانَ شَيْءٌ مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَلَا يَرْجُحُ بِهِ، فَيَكُونُ هَذَا مَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ سِوَى الْإِيمَانِ سَيِّئَاتِهِ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ الطَّوِيلِ وَالْحَبْسِ عَنِ الْجَنَّةِ، وَالْخَوْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِ فَيَخِفُّ ذُنُوبُهُ، وَيُثَقِّلُ مَوَازِينَهُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، فَإِنْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَشِيئَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَهُ رَجَّحَ مِيزَانَ حَسَنَاتِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُ عَذَّبَهُ بِذُنُوبِهِ، وَيُنَجِّيهِ بِإِيمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْمَشِيئَةِ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٤٠]، وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ الَّتِي هِيَ الْمَشِيئَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْكَافِرِينَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]، فَإِذَا خَرَجَ الْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ فِي الْمَشِيئَةِ لَمْ تَكُنِ الْمَشِيئَةُ إِلَّا فِي الْمُؤْمِنِينَ ⦗٣٤٩⦘ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ، فَلَا يُعَذِّبُهُ، وَيُطَهِّرُ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ بِمَا شَاءَ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَرْجَحُ حَسَنَاتُهُ، وَيُوزَنُ إِيمَانُهُ، كَمَا يُوزَنُ سَائِرُ حَسَنَاتِهِ، وَإِيمَانُهُ يَرْجَحُ بِحَسَنَاتِهِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَدْخُلُ النَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُطَهِّرُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ قَوْمٍ يَقُولُونَ: كُلُّ مُؤْمِنٍ يُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَثْقُلُ مِيزَانُهُ، وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: ٨]، أَيِ النَّاجُونَ مِنَ الْخُلُودِ، وَفِي قَوْلِهِ ﷿ ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢١]، يَوْمًا مَا. وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» أَنَّهُ صَائِرٌ إِلَيْهَا لَا مَحَالَةَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ، وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ
1 / 348