230

Makānī al-akhbār

مcاني الأخبار

Investigator

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Publisher Location

بيروت / لبنان

حَدِيثٌ آخَرُ
- ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ﵀ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْكِنْدِيُّ قَالَ: ح سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﵁ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ شَامِيَّةٌ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ عَتَبَاتٍ قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَسَعْيًا عَلَى الْعِيَالِ، وَتَعَطُّفًا عَلَى الْجَارِ، لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُفَاخِرًا مُرَائِيًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ ﵀: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ طَلَبَ الدُّنْيَا وَأَخْذَهَا لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِلضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ تَنَاوُلُهَا كَمَا يَتَنَاوَلُ الْمُضْطَرُّ الْمَيْتَةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ شَرَطَ لَأَخْذِهَا مِنْ وَجْهِهَا شُرُوطًا ثَلَاثَةً كُلُّهَا ضَرُورَةٌ، وَهُوَ الِاسْتِعْفَافُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَالسَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ، وَالْعَوْدُ عَلَى الْجَارِ، فَالْمُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ هُوَ الَّذِي بَلَغَ الْجَهْدُ بِهِ غَايَةً يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ، فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: التَّلَفِ وَالْهَلَاكِ أَوِ الْأَخْذِ مِنَ الْمَيْتَةِ، فَهُوَ يَأْخُذُ مِنْهَا قَدْرَ مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُ عَلَى تَكَثُّرِهِ، فَإِنْ أَكَلَهَا عَلَى جِهَةِ الشَّهْوَةِ وَالِاسْتِلْذَاذِ لَمْ يُجْزَ، فَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِفُّ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عِنْدَ ضَعْفٍ يَحِلُّ بِهِ بَخِلَ بِدِينِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ أَوْسَاخٍ الَّذِي هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُرُوحٌ وَخُمُوشٌ، وَطَلَبِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ بِغَيْضَةُ اللَّهِ وَالْقِرَاءَةِ لِأَهْلِهَا وَهِيَ سُمٌّ قَاتِلٌ، جَاءَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَهُوَ يَطْلُبُ الدُّنْيَا قَدْرَ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَيَصُونُ وَجْهَهُ وَدِينَهُ عَلَى تَكَثُّرِهِ لَا لِلِاخْتِيَارِ وَالْمَحَبَّةِ لَهَا وَاللَّذَّةِ بِهَا وَعَلَى ⦗٣٢٩⦘ تَوَقٍّ مِنْ سُمِّهَا وَحَذَرٍ مِنْ غُرُورِهَا، فَكَأَنَّهُ يَشْرَبُ السُّمَّ مَخَافَةً، وَكَذَلِكَ السَّاعِي عَلَى الْعِيَالِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُهُ فَهُوَ إِذَا خَافَ أَنْ يَأْثَمَ بِتَضْيِيعِ عِيَالِهِ اضْطُرَّ إِلَى الطَّلَبِ لَهُمْ وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِمْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْمُتَعَطِّفُ عَلَى الْجَارِ، وَهُوَ مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْإِمْكَانِ مَا عَجَزَ عَنْهُ جَارُهُ مِنَ الْعَوْدِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَلْزَمُهُ قُوتُ جَارِهِ كَمَا لَزِمَهُ فَرْضُ عِيَالِهِ، فَقَدِ اضْطُرَّ إِلَى أَنْ يَسْعَى بِقَدْرِ مَا يَعُودُ عَلَى الْجَارِ الْعَاجِزِ عَمَّا قَوِيَ عَلَيْهِ السَّاعِي، فَهُوَ يَسْعَى بِفَضْلِ قُوَّتِهِ، وَيَعُودُ عَلَى جَارِهِ بِفَضْلِ مَا عِنْدَهُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ وَلَا جَارٌ يَعْجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَالِهِ، وَكَانَ فِيهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالْقَنَاعَةِ مَا يَسْتَعْفِي بِهِ عَنِ السُّؤَالِ فَيَكُونُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣] . ثُمَّ طَلَبَ الدُّنْيَا، لَمْ يَخْلُ طَلَبُهُ لَهَا مِنْ إِحْدَى الثَّلَاثِ الْخِصَالِ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا لَهَا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ طَلَبُهُ لَهَا عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ لَهَا لِلْمُفَاخَرَةِ بِهَا

1 / 328