Macani al-ahbar
مcاني الأخبار
Investigator
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Publisher Location
بيروت / لبنان
حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، ح يَحْيَى، ح الْحِمَّانِيُّ، ح شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «إِنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ خَلِيفَةً مِنْ بَعْدِي ثُمَّ عَصَيْتُمْ خَلِيفَتِي نَزَلَ الْعَذَابُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ تُوَلُّوا هَذَا الْأَمْرَ أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ ضَعِيفًا فِي بَدَنِهِ، وَإِنْ تُوَلُّوهَا عُمَرَ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ قَوِيًّا فِي بَدَنِهِ، وَإِنْ تُوَلُّوا عَلِيًّا وَلَنْ تَفْعَلُوا تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَسْلُكُ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ ﵀: النَّبِيُّ ﷺ أَفْطَنُ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ وَأَبْعَدُهُمْ عَمَّا يُخِلُّ بِأَفْعَالِهِ، سَمِعَ اللَّهَ يَقُولُ حِكَايَةً عَنْ كَلِيمِهِ حِينَ قَالَ لِأَخِيهِ هَارُونَ ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ [الأعراف: ١٤٢] فَكَانَ مِنْهُمْ مَا كَانَ مِنْ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ وَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ أَغْلَظَ تَوْبَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ [النساء: ٦٦]، فَحَذَّرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الِاسْتِخْلَافِ عَلَيْهِمْ مَا نَزَلَ بِقَوْمِ مُوسَى فَاسْتَخْلَفَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللَّهُ خَلِيفَتِي فِيكُمْ»، فَخَارَ اللَّهَ ﷿ لَهُمْ فَاسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَهُوَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِشَارَةً وَخَلِيفَةُ اللَّهِ بَيَانًا، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَعِيفٌ فِي بَدَنِهِ قَوِيٌّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَأَنَّ عُمَرَ قَوِيٌّ فِي بَدَنِهِ قَوِيٌّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ حَدَّثَنَا بِهِ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُغَفَّلٍ، ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ح سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ﵄ قَالَ ذَلِكَ
وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، ح إِبْرَاهِيمُ، ح مُحَمَّدٌ، ح مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخُو سُفْيَانُ، ح جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، ح أَبُو يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ ⦗٢٨٠⦘ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ. وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ: عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ وَهُوَ أَضْعَفُ بَدَنًا مِنْ عُمَرَ، وَعُمَرُ أَقْوَى بَدَنًا مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا قَوِيَّانِ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَضْلَ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْأَبْدَانِ وَلَا بِكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ أَقْوَى بَدَنًا مَعَ قُوَّتِهِ فِي أَمْرِ اللَّهِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ عَمَلًا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْعَمَلِ لَا يُوجِبُ الْفَضْلَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْفَضْلَ مِنْحَةُ الْعَمَلِ وَمَعْنًى فِي السِّرِّ، بَلْ إِنَّمَا يَكُونُ الْفَضْلُ لِمَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لِعِلَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ بِالْمَشِيئَةِ، فَيَنْحَازُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُفَضِّلُ مَنْ يُرِيدُ وَهُوَ الْحَكِيمُ لِلْخَيْرِ، ثُمَّ يَجْعَلُ فِي قَلْبِ مَنْ فَضَّلَهُ وَاخْتَارَهُ مَعْنًى يَكُونُ ذَلِكَ عَلَمًا لِفَضْلِهِ وَدَلِيلًا عَلَى اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَفْضُلْكُمْ بِكَثْرَةِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ، وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ» فَأَخْبَرَ أَنَّ قُوَّةَ الْقَلْبِ هِيَ الَّتِي تُقَدَّمُ لَيْسَ قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا يَقْوَى الْقَلْبُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرِ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَيَخْتَارُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُبْغِضُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ٧٧]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْظُرْ إِلَى الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَهَا بُغْضًا لَهَا» فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَمَنْ يُحِبُّ، فَأَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ شَاءَ لَا لِعِلَّةٍ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مَا أَحَبَّ مِنْهُمْ وَهُوَ الْقَلْبُ، فَقَوِيَتِ الْقُلُوبُ بِنَظَرِ اللَّهِ إِلَيْهَا وَأَشْرَقَتْ وَاسْتَنَارَتْ وَتَزَيَّنَتْ، فَطَارَتْ فِي الْمَلَكُوتِ شَوْقًا إِلَى مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ فَوَلِهَتْ بِهِ وَشُغِلَتْ عَمَّا سِوَاهُ، فَطَارَتْ فِي الْمَلَكُوتِ شَوْقًا إِلَيْهِ، فَوَقَفَتْ أَمَامَ ⦗٢٨١⦘ الْعَرْشِ فَأَذِنَ لَهَا فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ، وَكَلَّمَهَا فَوَعَتْ، وَأَرَاهَا فَأَبْصَرَتْ، وَأَلْبَسَهَا السَّكِينَةَ فَسَكَنَتْ، وَرَدَّهَا بِأَلْوَانِ الْفَوَائِدِ وَأَنْوَاءِ الزَّوَائِدِ، وَلَوْلَا مَا أَلْبَسَهَا مِنَ السَّكِينَةِ لَطَارَتْ شَوْقًا، وَتَلَاشَتْ فِي مُبَاهَاتِ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَفَنِيَتْ تَحْتَ أَنْوَارِ هَيْبَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤] فَبِذَلِكَ قَوِيَتِ الْأَسْرَارُ وَصَغَتِ الْقُلُوبُ. فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْتَارُ مَا يَشَاءُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيْخَتَارُ﴾ [القصص: ٦٨] وَهُوَ تَعَالَى فَضَّلَ مَنْ أَرَادَ فِي سَابِقِ عَلْمِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، لَا لِقُوَّةِ بَدَنٍ وَلَا بِكَثْرَةِ عَمَلٍ، وَالْقَلْبُ إِنَّمَا يَقْوَى بِمَا يُحْدِثُهُ فِيهِ وَيُودِعُهُ إِيَّاهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ لَهُ وَنَظَرِهِ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيْحَكُمُ مَا يُرِيدُ، وَيَصْطَفِي مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. وَقَوْلُهُ ﷺ: «وَإِنْ تُوَلُّوهَا عَلِيًّا وَلَنْ تَفْعَلُوا» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَنْ تُوَلُّوهَا عَلِيًّا حِينَ تُفْضِي الْخِلَافَةُ إِلَيْهِ وَتَصِيرُ لَهُ «وَلَنْ تَفْعَلُوا»، أَخْبَرَ عَنِ الْغَيْبِ الَّذِي أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ، فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ، فَتَفَرَّقُوا فِيهِ فِرَقًا وَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ أُمَمًا، فَلَمْ يَهْتَدُوا وَلَمْ يَسْلُكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، بَلْ تَشَتَّتُوا فَصَارُوا شِيَعًا، فَنَكَثَتْ طَائِفَةٌ، وَقَسَطَتْ أخْرَى، وَمَرَقَتْ ثَالِثَةٌ، وَعَصِيَتْ رَابِعَةٌ، وَلَوْ وَلَّوْهَا إِيَّاهُ وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لَوَجَدُوهُ هَادِيًا لَهُمْ إِلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ، وَالْهُدَى الْبَيِّنِ، مَهْدِيًّا فِي نَفْسِهِ لَا يَسْلُكُ مِنَ الطَّرِيقِ إِلَّا أَهْدَاهَا وَمِنَ الْمَنَاهِجِ إِلَّا أَوْلَاهَا، وَيَسْلُكُ بِهِمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي كَانَ عَلِيٌّ ﵁ يَسْلُكُهُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ وَيَسْتَقِيمُ فِيهِ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ
1 / 279